وضع دلو الرايب والخبزات جانباً، اقترب من السياج، التف حوله، ثم الصق خدّه "بالطوب" الجديد ليوازن مستوى نظره مع استقامة البناء، مشى نحو الطرف الآخر ليقطع شكه باليقين، وألصق خده من جديد، فتح عين وأغمض عين..ثم قلّب كفيه بتعجب..واقترب من المعمارجي:
ابو يحيى : يعطيك العافية يا معلم.
المعمارجي: الله يعافيك!
ابو يحيى: كأنه السياج مايل شوي؟
المعمارجي: سياجي مايل؟..انت الّي نظرك مايل.
تركه ومشى باتجاه "جبلة الباطون" الطازجة، فك عقدة من البربيش بطريقه فسهّل على العمال جرّه، وقف معهم وسألهم بلطف:
ابو يحيى: عوافي شباب!!.
العمال: أهلاً حجي!!
ابو يحيى: كأنه السياج مايل شوي؟
العمال: اسأل المعلم..احنا بس بنجبل، وبنقرب بلوك، وبناوله طين.
مرّ شاب من امام السياج فسأله ذات السؤال،فدافع الشاب عن استقامة السياج ثم اعترف بسياق الحديث: أن خالتي لا تنجب "معمارجيا" فاشلاً..سأل رجلاً مسناً، فأخلى مسؤوليته، سأل سيدة، فأنكرت وجود السياج من اصله، سأل موظفي سلطة المياه، عمال الأشغال، أحد الوافدين المارين، صاحب "بكم" عتق، طلاّب مدارس،صاحب بقالة قريب، مهندسين مختصين، محامين ممارسين، أطباء أسنان، فتيات جامعيات..دون جدوى ..وقبل ان يتعب ويتناول دلو الرايب وخبزاته التي تركها جانباً منذ الصباح الباكر...تقدّم من خلف السياج رجل مهيب..لوى اذن ابي يحيى موبّخاً:
مايل مش مايل ..انت شو دخلك؟
ابو يحيى: بحبّش العوج!!.
الرجل: ميل راسك، بروح العوج!!!
ahmedalzoubi@hotmail.com