مكرم أحمد الطراونة - قراءة سريعة للأرقام التي نشرها البنك المركزي أو وزارة السياحة، تكشف فشل القطاع الذي نعول عليه كثيرا، ونعتبره نفطنا، كما تدفعنا لمواجهة عشرات الأسئلة حول جدوى وحقيقة تصريحات المسؤولين عنه.
بالمجمل تقول الأرقام إن موازنة هيئة تنشيط السياحة للعام 2022 هي 72 مليون دينار، 50 % منها تذهب دعما لشركات الطيران منخفض التكاليف، وعددها 3 شركات.
هذا الرقم الكبير، الذي من المفترض أن يكون محفزا للسياحة، لم ينعكس في زيادة أعداد السياح من أوروبا (هذه الشركات تربطنا فقط بأوروبا)، بل على النقيض من ذلك كان معظم ركابها من الأردنيين، رغم أن الدعم موجه للسياح الأوروبيين فقط، وليس لجميع الركاب بما فيهم الأردنيون.
إذا عدنا عشر سنوات للوراء، نجد أن نسبة الدخل السياحي من الأوروبيين لم تزد على 12 % من مجموع الدخل السياحي (قبل وبعد دعم الطيران المنخفض)، ففي العام 2019، وفيه تحققت أفضل سنة سياحية في تاريخ الأردن، كانت نسبة مساهمتهم 12 % فقط، وفي العام 2021 سجلت 7 %، مقارنة بـ10 % في العام 2018.
بيانات البنك المركزي، تبين أن توزيع السياح القادمين للأردن، هو من الأردنيين المقيمين في الخارج، يليهم العرب ثم الخليجون ثم الأوروبيون والأميركان والآسيويون والأفارقة! أين إذن، الفائدة من دعم شركات الطيران منخفض التكاليف بـ36 مليون دينار؟
وفي التفاصيل المعلنة، فإن الدخل السياحي خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالي وصل الى 1.213 مليار دولار، الرقم مبشر، لكنه في حقيقة الأمر يقسم كالتالي، 33.3 % من الأردنيين المقيمين في الخارج، و24.6 % من العرب، و21 % من دول الخليج، و11.3 من أوروبا، و3.3 % من أميركا!
السؤال الأهم: ما الذي تم تحقيقه على مدى الأعوام السابقة؟ هل نجحنا بمشروع دعم الطيران منخفض التكاليف في زيادة مساهمة الأسواق الأجنبية في الدخل السياحي؟ ما هو الهدف من الترويج إن لم ينعكس على المؤشرات السياحية من دخل وإشغال غرف فندقية وأعداد زوار؟ وعندما تم الإعلان عن تجاوز الأعداد المتوقعة للثلث الأول من هذا العام، هل تم ذلك بالاعتماد على أرقام الأردنيين المغتربين والعرب أم الأجانب الذين يحظون بحصة الأسد من موازنة الترويج؟
في المحصلة؛ إذا كان دخلنا السياحي يعتمد أساسا على الأردنيين المغتربين والعرب غير الخليجيين، فهذا يستدعي الوقوف مطولا على نهج الجهات المسؤولة عن الترويج السياحي في جذب السياحة الأجنبية.
تاريخيا شكل الدخل السياحي المتأتي من أبنائنا المغتربين والزوار العرب غير الخليجيين ما نسبته 50 % من الدخل السياحي، وإذا أضفنا أشقاءنا من دول الخليج فالنسبة تصل بين 75 % و80 % من مجموع الدخل السياحي، بينما لا تزيد مخصصات التسويق لهذه الأسواق في أقصاها على 5 % من مجمل موازنة التسويق، وإذا كان 51 % من إجمالي زوار المملكة للعام 2019 عن طريق الحدود البرية، فما هي معايير ومؤشرات الأداء التي يتم على أساسها توزيع مخصصات التسويق على الأسواق المستهدفة؟!
من جانب آخر، فنسبة زوار المبيت من الجنسية الأوروبية من مجموع زوار المبيت في العام 2010 كانت 16 %، بينما بعد 9 أعوام، أي في العام 2019 وهي أفضل سنة سياحية، انخفضت نسبتهم بنسبة 1 % لتصبح 15 %، علما أنه في العام 2010 لم يكن هناك طيران منخفض التكاليف الذي بدأ دعمه بملايين الدنانير في العام 2018.
على وزير السياحة ومدير الهيئة، الإجابة عن سؤال الفائدة، وما هو العائد من دعم شركات منخفضة التكاليف بملايين الدنانير، وما سبب تراجع نسبة مساهمة مجموعة الدول الأوروبية في أعداد زوار المبيت منذ العام 2010؟ وعن أي انجاز نتحدث بعدما أظهرت الأرقام أن السبب الأول لارتفاع الدخل السياحي وأعداد الزوار هم المغتربون الأردنيون!!