بقلم الدكتور المهندس أحمد الحسبان - معظم الشعب ينظر لأسعار الكيلوواط الجديدة ويقارنها بالشرائح السابقة، وقليل من يقارنها بالأحمال العاملة لديه في البيت، حيث تكمن هناك المفاجآت المؤلمة للنفس والجيب.
معدل الاستهلاك الشهري لثلاجة منزل متوسطة الكفاءة هو من ٢٥٠ الى ٢٩٠ كيلوواط، حسب ما هو منشور بأكثر من موقع اليكتروني عالمي ومحلي، وحسب ما تم حسابه شخصيا على ثلاجة منزلي المتواضعة التي تسحب أمبير ونصف كل ساعة، اي ٣٣٠ واط بالساعة بعد ضربها ب ٢٢٠ فولت قيمة فرق الجهد المعتمد بالاردن وعلى فرض ان الأمبير يصلنا كاملا وليس منقوصا مضروبا بعامل ضرب الطاقة، اي بالنهاية تستهلك ثلاجتي باليوم ٨ كيلوواط، وبالشهر ٢٤٠ كيلوواط، اي ما يقارب الشريحة الاولى من شرائح التسعيرة.
وحسب الشرائح الجديدة فأول ٣٠٠ كيلو تسعيرتها ٥ قروش للمدعوم، و١٢ قرش لغير المدعوم، بعد ان كانت سابقا ٣ قروش، على مبدأ السئ افضل من الاسوأ حسب حكمة جحا مع صاحب المنزل الضيق، اذن الحكومة تدعم تبريد طعامي مع قليل من الاضاءة كي اراه عند العشاء وانا اتناوله، وغير مكترثة بباقي الاضاءة والغسالة و قليل من تشغيل المرواح وكولر ماء، حيث لا تكفي ال ٣٠٠ كيلوواط بالشريحة الثانية ذات سعر الكيلو واط ب ١٠ قروش - لا تكفي لباقي احتياجات المنزل من الطاقة:
نحتاج ل ٦٠ الى ٨٠ كيلوواط شهريا اضاءة متوسطة لاربعة غرف لخمس ساعات باليوم فقط، ونحتاج ٣٠ كيلوواط شهريا لكل مروحة بسرعة متوسطة لست ساعات باليوم، وكما نحتاج لمثلها شهريا للغسالة، ناهيك عن مصروف القيزر، ومن لديه مكيفات هواء والكوي، وكلها تقع بالشريحة الثانية ذات العشر قروش مدعوم او ١٢ قرش غير مدعوم للكيلوواط الواحد بدلا من ٥ قروش قديما.
أما من يزيد مصروفه عن ال ٦٠٠ كيلوواط شهريا فهذا سيدفع ٢٠ قرش ثمنا لكل كيلوواط زائد مدعوما، وللمفارقة ١٢ قرشا غير مدعوما.
وكأن التسعيرة الجديدة المدعومة (شكلياً) تقضي ان لا يزيد المصروف الشهري لاي أسرة عن ٦٠٠ كيلوواط، وبالحقيقة هي ٣٠٠ فقط، لان الثلاجة تستهلك النصف تقريبا، وبسعر ثلاثة اضعاف السعر القديم، فما هي الحلول الممكنة للتعامل مع هكذا وضع فرض علينا قسرا؟
هناك حلان ممكنان، احدهما استراتيجي، والاخر تكتيكي، اما التكتيكي فهو باختصار تقليل الاستهلاك ما أمكن، والاستغناء عن الكماليات من اضاءة زائدة او تسخين زائد او تبريد زائد، الطاقة لا تفنى ولا تستحدث، ولكنها تتحول من شكل لآخر، فلا تحولها لنقود من جيبك، واحرص على كل كيلوواط يصرف في غير مكانه، وتخيل انك تخسر مقابله ١٠ قروش بالشريحة الثانية و ٢٠ قرش بالثالثة، وفر الكيلو الابيض في النهار لتسخدمه في سواد الليل. واذا عرفت احمال بيتك فستعرف كيف تديرها، وراقب العداد باستمرار، واحرص ان لا تتجاوز حد ال ٦٠٠ كيلوواط، او بالاحرى ال ٣٠٠ كيلوواط بعد الثلاجة.
أما الحل الاستراتيجي فيتكون من شقين، أولهما ان لا تشتري المزيد من الكهربائيات، واذا اضطررت فاشتري الاقل استهلاكا منها، فهي تفي بالغرض، وهناك العديد منها بتكنولوجيا احدث ذات مصروف اقل، وهذا احد مقاصد الهندسة الحديثة، التصميم الاوفر استهلاكا والاقل سعرا. واما الثاني، وتخفيفا على المواطن، فلا تدفع كامل قيمة الفاتورة، ادفع الحد الادنى منها، فهذا ما سمحوه لنا كتقسيط مريح، وهو ما سيقلل من وقع غلاء الفواتير الاولى من التسعيرة وخاصة بعد رمضان والعيد والعيد القادم.
خلاصة القول؛ ما لم ندرأ التبذير بالتدبير، و الاسراف بالتوفير، فلن يترك لنا الطماعون الا طعامنا مبردا ومصباح واحد لنراه عند تسخينه وتناوله، هم يريدون ما في جيوبنا لقاء الاساسيات، ونحن نقاومهم بما نستطيع بما تبقى من عقل وحكمة.
د. أحمد الحسبان