سمعت مقولة من رجل عالِم مثقف ثقافة عالية.. يقول هذا العالِم:
إن النساء.. كل النساء إماء..جواري..يباح النظر والتغزل فيهن وبلا حدود...وممارسة جميع أنواع المتع.. فهذا حق للرجال..
رجعت إليه وقلت :.. يا سيدي ... وأين الحلال والحرام من هذا؟؟...النظر إلى العورات ... والمرأة كلها عورة...
فقال: إن لم يكن الاحترام لأنفسهن وأجسادهن نابع من صميم أخلاقهن فلا بأس من التمتع بمفاتنهن ما ظهر منها وما خفي... ولا داعي في مثل هذه الحالة للاحترام...
فرجعت أقول له :...ولو لم يكن بعضهن يكننّ الاحترام لأنفسهن ولم تكن أجسادهن وأرواحهن عزيزة عليهن...
أين الحشمة والوقار والحياء الذي من المفترض أن يتصف الإنسان النقي التقي؟؟...
أعلم بأن الكثير من النساء تجري وراء كل ما من شأنه أجوف سواء بعلم أم بجهل ولكن يبقى العتب على من يعولون من الرجال سواء الأب , الأخ أو الزوج فالتوجيه هنا يكون فرض عين على الرجل والمجاهدة بهذا الأمر يكون من أعلى مراتب أنواع الجهاد بالحسنى والعقلانية والدلالة الشرعية والفطرية وليس بتفاهة العقول والعصبية والذكورة التي اتسمت بها مجتمعاتنا , ففي الإسلام لا يوجد شيء اسمه مجتمع ذكوري بل مجتمع مسلم رجولي ولمن لا يعلم معنى كلمة مسلم هي من سلِم الناس من أذاه فما بالك بأهله ومعنى كلمة رجولي هي استخدام العقل والدليل العقلي الشرعي واللين والحزم في آن واحد , هذا هو أعظم أنواع الجهاد.
ستقول لي يا سيدي العالِم المثقف نحن في زمن التحضّر والحضارة ولم يعد لمثل تلك المصطلحات من جهاد أو مجاهدة أو غيره لم يعد لها سوق ولم تعد هناك عملة تتاجر بمثل تلك التسميات , وإذا أردتُ أن أجاريكِ بما تقولين فالدليل العقلي الشرعي يقول \" لا تزر وازرة وزر أخرى\" فكلٌ مسؤولٌ عن نفسه, وأجيبك أيها العالِم المثقف المتحضّر نعم صدقت بما ذكرت \" لا تزر وازرة وزر أخرى\" وكلنا مسؤول وراع, والمسؤولية بالبداية تكون لولي الأمر الذي هو الرجل الأب والزوج فهو المكلف بالاختيار الصحيح للزوجة وتوجيهها منذ بداية إنشاء الأسرة والمكلف بغرس المبادئ الصحيحة والأخلاق الفضلى في روح أبنائه سواء الذكر أم الأنثى فمهمته الأولى والأخيرة تكون بتشكيل تلك الأفكار ووضعها بموضعها الصحيح فإذا أتم عمله كما يجب يكون قد رفع الجزئية عنه والتي تتعلق بالعتب عليه, ونتيجة لهذا يكون في المجتمع أناس يطبقون الشريعة والأخلاقيات كما يجب , فيكون الإثم والوزر على من ينحرف عن تلك المبادئ التربوية , وحينها تنطبق عليه تلك الآية عظيمة \" لا تزر وازرة وزر أخرى\" .
فرجع يقول :...يا عزيزتي ليس في زماننا من نستطيع أن نصفه بالنقي أو التقي فلكل منا عيوبه ونقاط ضعفه.. ومعظم الرجال في هذا الزمان وأي زمان نقطة ضعفه... المادة والنساء...
فنحن نعيش وفق مفهومين...
مفهوم المادة المتمثلة بالمال ومنبعها العقل
ومفهوم إشباع الغريزة ومنبعها تحقيق الرغبات بأي طريقة وبأي ثمن...
هذا هو مجتمعنا الذي تمت تربيتنا فيه وكبرنا معه وهذا ما وجدنا عليه آباؤنا وأجدادنا..
فقلت له: سيدي المثقف العالِم هذا قول الجاهلية الأولى وليس قول العالَََم المتحضّر الذي تدّعي.., ويا أسفاه على حضارة ظاهرها مزخرف يتلألأ توهجا ... وباطنها قبيحا يتشح بالسواد...
وهنا استذكرت لحظات حبيبي محمد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام عند عودته من زيارة قبور شهداء أحد قبل وفاته بأيام \" فبَكِيتْ عيونه الشريفة وسألوه ما أبكاك؟ قال اشتقت لأخواني, قالوا أوَلسْنا أخوانك يا رسول الله؟ قال لا أنتم أصحابي , أما أخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولا يروْني\" فهل فعلا من يملكون مثل تلك المبادئ والأفكار ونحن معهم هل نستحق دمع الحبيب ؟ وما الذي فعلناه إلى الآن؟ وهل نستطيع مواجهته والتجرؤ للنظر إلى عينيه التي بكت لأجلنا.. فتركت ذاك العالِم المثقف المتحضّر وذهبت بعيدا, نكّسْت رأسي.. وابتدأت البكاء... فلم يعد هناك بين العالِم والجاهل فرق...في عالَم يحكُمُه الجُهلاء...
enass_natour@yahoo.com