على وشك أن أفعل شيئًا.. بل سأفعل شيئًا.. لا يجوز ألّا أفعل شيئًا.. طوال الليل وأنا أفكّر بكل شيء.. عزمتُ أمري على إحداث تغيير جذري في حياتي؛ مثل أي بني آدم يفكّر في خرمس الليل.. له الحق أن يجمع ويطرح ويعيد حساباته ويتخذ قراراته..! أصلًا بُني الإنسان على اتخاذ القرارات الليلة .. كل ليلة هناك قرار جديد وحازم..!
لكنّ هذه المرّة مختلفة.. فالحزم أكبر وأكثر.. والقرارات بعد تمحيص التمحيص جاهزة ولم يبقَ إلّا الخطوة الأولى في التنفيذ.. والشمس عندما تشرق بعد قليل هي الخطوة الأولى..!
سأترك التدخين.. سأترك القهوة.. سأترك الخبز.. سأفتح مشروعًا جديدًا.. سأنافق للحياة وللدنيا وأكسب رضاها.. سيكون يومي اعتبارًا من أول شمس مليئًا بالنشاط والحركة.. سأجعل الناس كل الناس يتحدّثون عن همتي واجتهادي وكثرة مروري من أمامهم في اليوم الواحد.. فقط أنا بحاجة لأن تشرق الشمس وينتهي الخرمس..!
أشرقت الشمس بالفعل.. صرتُ وجهًا لوجه مع الخطوة الأولى.. ذهبت للمطبخ وحضّرتُ فنجان قهوة.. رشفت الرشفة الأولى.. أشعلتُ سيجارةً تلتها سيجارة وفتحت باب الثلاجة وأخرجت كيس الخبر الذي انبطح بجانب الأكلة البايتة.. لعنتُ الدنيا وعرض الحياة وأنا أشرق باللقمة.. شربتُ شاف ماء وعدتُ إلى فراشي لأكمل بقية قراراتي التي لم أتخذها بعد..!