تعتبر الدبلوماسية أداة مهمة من أدوات تحقيق أهداف السياسة الخارجية لكل بلد ، كما أنها من أهم الوسائل لحل المنازعات التي عرفها تاريخ العلاقات الدولية منذ أقدم العصور إلى اليوم. وإذا كانت الدبلوماسية نشأت وتطورت في حُضن حقل القانون الدولي العام ، فإن نجاعتها برزت بشكل أساسي في حقل العلاقات الدولية الذي تميز باندلاع العديد من الحروب والصراعات استوجبت بعد إنتهائها اللجوء إلى الطرق الدبلوماسية لإعادة ترتيب أوضاع النظام الدولي، تم تطور الوضع فيما بعد، بحيث أصبحت جل الدول تُفضل اللجوء إلى الآلية الدبلوماسية لتدبير نزاعتها بعيداً عن استعمال القوة .
وفي ظل المتغيرات التي عرفها المحيط الدولي منذ أكثر من عقدين ، والتطورات السريعة والمعقدة للواقع الجيوسياسي الدولي التي خلفت أزمات حادة وشادة، اتجهت السياسة الخارجية الأردنية إلى التكيف مع تطورات الظرفية الدولية وذلك بإرساء دبلوماسية قوية وتفاعلية، ومتعددة الأبعاد .
وفي هذا الإطار يأتي دور الدبلوماسية الأردنية في إدارة الأزمات انسجاماً مع التوجهات الجديدة التي أصبحت تنهجها المملكة الأردنية في مجال سياستها الخارجية، حيث أضحت أكثر انفتاحاً . بالإضافة إلى تتعدد الفاعلين المتدخلون في هذه الدبلوماسية، وفاعليتها في إدارة العديد من الأزمات.
تم التركيز على الدبلوماسية الأردنية في عهد الملك عبدالله الثاني ، التي تميز نسقها العام بتعدد المساهمين في بلورة هذه السياسة انطلاقاً من توجهاته الملكية، وفسح المجال لفاعلين آخرين غير المؤسسات الرسمية للدولة، في إطار مقاربة تشاركية حسب الملفات التي تقتضي تعاون الدبلوماسية الرسمية و الدبلوماسية غير الرسمية، وهذا يجسد الانفتاح الكبير في صنع السياسة الخارجية الأردنية التي كانت في السابق مجالاً محفوظا تتخذ فيه القرارات في نطاق محدود جداً.
إن الدبلوماسية الأردنية في توجهاتها تميزت بخاصيتين الأولى، أنها حافظت على علاقتها مع شركائها التقليدين خاصة مع دول الاتحاد الأوربي ، ومع الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الخليج العربي، والخاصية الثانية أنها انفتحت على العديد من دول أمريكا اللاتينية ، بالإضافة إلى تمتين علاقاتها مع قوى أخرى في إطار تنويع شركائها الاقتصادين كروسيا والصين .
وتجدر الإشارة أن هذه العلاقات سواء الثنائية أو المتعددة الأطراف التي تربط الأردن بهذه الدول تتخللها بين الفينة والأخرى مع بعضها أزمات ظرفية أوفتور مؤقت في العلاقات، لكن الثابت في الدبلوماسية الأردنية أنها تُدير هذه الأزمات بشكل دبلوماسي وبكل حنكة وتبصر .
كما عمل الأردن على تطوير أدائه الدبلوماسي على المستوى الإنساني ” الدبلوماسية الإنسانية” من خلال توجيه عمله لتقديم مساعدات إنسانية كما هو الشأن في “مخيم الزعتري” لمساعدة اللاجئين السوريين، أو من خلال المساعدات الطبية الموجهة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والصفة الغربية ، كما أن هذه الدبلوماسية الإنسانية بقيت مستمرة حتى حالات النزاعات المسلحة، عبر مشاركة القوات المسلحة عمليات حفظ السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة في العديد من الدول الإفريقية و دول النزاع المسلح .
أضف لذلك جانب مهم من الدبلوماسية الأردنية في المجال الروحي ” الدبلوماسية الروحية ” ، حيث لعب الأردن دوراً مهماً في التصدي للتهديدات الداخلية والخارجية التي قد تمس بالأمن الروحي للأردنيين .
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي