سلامة الدرعاوي - عندما تخرج هيئة مرخصة بموجب القانون، معنية بالدفاع عن المستهلك وحمايته وترشيده وتوعيته، وتقول للشّارع العام إن الحكومة تربح من بيع الخبز، وإنها اشترت القمح المخزن لديها بمبالغ تتراوح بين 120-150 دولارا للطن، فإن هذا خطاب تأزيمي خطير، يهدف أولا وأخيرا لإثارة الرأي العام، والأخطر من هذا كله ادعاؤها بأن لديها دراسات علمية ومعلومات مؤكدة من صحة معلوماتها وبياناتها الشعبويّة، وهي بالأساس لم تقم بأي دراسة من هذا النوع، وليس لديها القدرة على ذلك، فمن يحاسبها على هذا الخطاب المضلل، وبث البيانات المغلوطة.
كيف لمؤسسات الدولة أن تترك مثل هذه الهيئات تلعب بالشّارع وتقوض الاستقرار السلمي في البلاد بادعاءات كاذبة، فهل يعقل أن الحكومة اشترت قمحا بـ120 دولارا للطن، علما أن آخر عطاء كان بـ500 دولار، ومعدل أسعار العطاءات لآخر 20 عاما كانت بحدود الـ230 دولارا للطن، وأن السعر الذي ادعته هذه الهيئة بـ 120 دولارا كان متاحا في عقد الثمانينيات وأوائل التسعينيات.
ومن يحاسب أولئك الذين يدعون أن الأردن يتلقى النفط مجانا على شكل هبات من العراق ودول خليجية، وأن الحكومة تقوم ببيعه للمستهلك بأسعار عالمية، علما أن النفط العراقي الذي يصل للأردن وهو 10 آلاف برميل فقط في العام الواحد هو أقل من السعر العالمي ب18 دولارا فقط، يضاف إليها أجور النقل والتخزين والتكرير والفاقد، فان فرق السعر التفضيلي يتلاشى عند وصوله للمستهلك.
أما باقي احتياجات المملكة من النفط والتي تقترب من الـ5 ملايين برميل فإنها تستورد بالكامل بواسطة شركات التسويق الثلاث المرخصة وفق عطاءات عالمية معروفة، وجميعها شركات خاصة ليس للحكومات سهم فيها، ويأتي بعد ذلك ونقول إن الحكومة هي من تستورد النفط.
ومن يحاسب الذين يروجون في الشّارع أن خيرات الأردن الطبيعية تذهب للخارج، والخزينة لا تستفيد منها شيئا، وهي تصب في جيوب فئة قليلة، مدعين أن شركات كبرى مثل الفوسفات والبوتاس شركات حكومية تدار بأيد أجنبية، وهذا كلام فيه إساءة للمملكة وقوانينها وبيئتها الاستثماريّة، فهذه شركات تم استقطاب أفضل الشركاء العالميين إليها عن طريق خصخصتها، وباتت تدار على أحدث الأنظمة، وحققت قفزات نوعية في عملياتها وأنشطتها الإنتاجية مما انعكس إيجاباً على إيرادات الخزينة من رسوم وضرائب وارتفاع في قيمة أسهمها المتبقية في هذه الشركات.
ومن يحاسب أولئك الذين يدّعون أن الأردن تنازل عن مطاره الرئيسي لصالح شركات أجنبية تملكته، وأن المملكة لم يعد لديها مطار كما كان في السابق علما أن خصخصة مطار الملكة علياء الدولي تعتبر من أنجح وأنزه عمليات التخاصية التي حدثت ليس في الأردن فقط وإنما في المنطقة.
فالائتلاف العالمي الذي فاز بعطاء خصخصة المطار وفق (BOT) – بناءً وتشغيل ونقل ملكية – قام ببناء مطار بكلفة تناهز المليار دولار، وفق أحدث التصاميم والمعايير الدولية، وتحمل جميع كلف تشغيل المطار، مقابل حصول الخزينة على أكثر من 54 % من إيرادات المطار لها دون أي عناء، لمدة 25 عاما، بقي منها 13 عاما وتعود الأمور التشغيليّة للحكومة.
بلغة الأرقام باتت الخزينة تحصل على ما يقارب الـ230 مليون دينار سنويا من عوائده التشغيليّة بعد أن كان المطار السابق يكلفها ما يقارب الـ18 مليون دينار سنويا.
هذه بعض حالات التنمر الشعبوي الذي يمارس بين الحين والآخر لإثارة الرأي العام بواسطة تقديم معلومات مضللة للمواطن، بهدف إثارة القلاقل وزعزعة الاستقرار، ومن مسؤولية الحكومة التصدي لمثل هذه التبعات بالقانون وتقديم المعلومات الإعلامية الصحيحة والقوية في وقتها المناسب، وعدم التهاون في التصدي لهم تحت حجج حرية الرأي والتعبير.