أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
إسرائيل تعترض مسيّرة قادمة من الشرق للمرة الثانية خلال ساعات بوتين لميركل: سامحيني لم أكن أعلم أنك تخافين الكلاب الصفدي: تطوير العقبة نموذجٌ لتحقيق رؤية الملك في منطقة اقتصادية عالمية تحديد تعرفة بند فرق أسعار الوقود للشهر الماضي عند صفر مواعيد مباريات اليوم السبت 30 - 11 - 2024 والقنوات الناقلة زعيم كوريا الشمالية: روسيا لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد أوكرانيا 10 شهداء في قصف للاحتلال على حي الشيخ رضوان شمال غرب غزة رئيس وزراء كندا يزور فلوريدا للقاء ترامب وسط أزمة الرسوم الجمركية التنمية والتشغيل مول 95 مشروعا بعجلون منذ مطلع العام أورنج الأردن تجدد اتفاقية خدمات الخلوي للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي مادورو: فلسطين أكثر قضية محقة للإنسانية مليار دينار مبادلات الأردن التجارية مع الخليج في 8 اشهر النفط يتكبد خسائر أسبوعية بعد انحسار مخاوف الإمدادات السيناتور غراهام: ترمب يريد رؤية صفقة بغزة قبل توليه منصبه 74559 زائرا لمهرجان الزيتون خلال يومين وكالة (كابيتال انتليجنس) تثبت التصنيف الائتماني للأردن سوريا .. مطار عسكري مهم يسقط بأيدي الفصائل المسلحة الأمم المتحدة: الأعمال العدائية لا تزال تعرض أهل غزة لخطر كبير المستحقون لقرض الإسكان العسكري لشهر كانون الأول (أسماء) نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا لمناقشة التطورات بسوريا

ثقافة العو

22-07-2011 01:06 AM

ثقافة العو...!

بقلم: د. آية عبد الله الأسمر

اليوم أرغب بترك المقالات الكلاسيكية والتحليلات السياسية والبحوث الاجتماعية, فهل يسمح لي القراء ولو لمرة واحدة أن أتخلى عن الموشّحات الأندلسية والطرب الأصيل, لأمسك بتلابيب الأغاني الشعبية وفن الطقطوقة (الطأطوءة)?
بالأمس اصطحبت ابني إلى عيد ميلاد أحد أصدقائه, وبينما أنا أتعرف على والدة بطل الحفلة وأتحدث إليها, وأتعرف على كل من أصحاب ابني وأجواء الحفلة, انسابت في أذني ألحان عذبة وموسيقى شجية وصوت طربي أصيل, وأشعار عبقرية تناغمت مع بعضها البعض في ملحمة غنائية أسطورية صارخة: "العو العو العو..."
هذه هي المرة الثالثة التي أعلّق فيها على أعمال فنية بعد أن استوقفتني سابقا الأغنية الوطنية "بالروح والدم", والمشتعلة حماسة ومقاومة للمطربة نجوى كرم, ولفت نظري فيلم "آفاتار" الذي يهاجم فيه الأمريكيون شعبا مسالما في عقر داره, ثم يصف الجنود الغزاة الشعب الأعزل بأنه إرهابي عندما يلجأ الأخير إلى المقاومة والدفاع عن أرضه.
أما أغنية "العو العو العو..." فهي طقطوقة مختلفة عن اللون الغنائي الهابط السائد في سماء عصر الدولة العربية الحديثة, فبالرغم من أن الفن الوضيع المتربع على عرش الساحة الفنية اليوم هو انعكاس طبيعي وابن شرعي للوضع الراهن, بما يحوي هذا الوضع من مكونات مأساوية من إحباط سياسي وتأزم اقتصادي وترد اجتماعي وانحطاط أخلاقي وإفلاس فكري وإسفاف ثقافي, إلا أن أغنية "العو العو العو" جذبت انتباهي لأنها تعبّر وبصدق عن ثقافة "العو" التي اتبعها الأهل وما زال يتبعها البعض حتى اليوم في ترهيب الأبناء والسيطرة عليهم.
منذ مدة وأنا أفكر في طرق التربية التي اتبعها آباؤنا وأمهاتنا في تنشئتنا, وبالرغم من اقتناعي بنجاح معظم إن لم يكن كل تلك الطرق والوسائل المتبعة, بما فيها من حوار وتواصل وتشجيع وتعزيز حينا, ووعيد وتهديد وضرب وشتيمة أحيانا أخرى, إلا أنني توقفت مبتسمة ومندهشة من بعض الجمل التي طالما سمعناها في طفولتنا, وترددت على ألسنة الأهل منذ نعومة أظفارنا, أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بإصدار الأوامر:
قف... تقف الماء في زورك
اقعد... يقعد رزّك
امشِ... مش عصبك
نم... تنام عليك حيطة
قم... قامت قيامتك
اضحك... يضحكوا على قبرك
إلبس... لبسك عزرائيل
وما هذا إلا غيض من فيض من أساليب التودد والتحبب التي غمرنا بها أهلنا, وأرجو أن لا يظن الأهل أنني ابنة عاقة, إلا أنني فقط أتعقّب البون الشاسع ما بين اليد المطلقة التي كان يتمتع بها الأهل في سطوتهم علينا سابقا, وبين محاولاتنا المستمرة في استرضاء أبنائنا والحفاظ على مشاعرهم وتجنب إهانتهم حاليا, من أجل صحتهم النفسية وتنمية قدراتهم العقلية والوجدانية والجسدية والاجتماعية بصورة مثالية, وأعترف بأنني غير قادرة على الجزم بأن طريقتنا اليوم وأسلوبنا في تربية أبنائنا أفضل وأنجع من طريقة آبائنا, فالحزم مع الطفل وإتباع لهجة فيها شيء من الشدة وبعض من الغضب, وتعليمه ضرورة احترام الكبير وأوامر الأهل وتعليمات القانون, واللجوء إلى استخدام العقاب بل والضرب إن لزم الأمر, أعدها أمورا لا ضير فيها بل هي ضرورية في عملية التربية والتنشئة لتكوين ما يسمى بالضمير والرقيب لدى الطفل, إلا أن هذا الضمير لا يصبح يقظا وواعيا وسيف الرقيب لا يتحول إلى رقيب ذاتي ووازع داخلي, إن لم يصاحب العقاب والحزم والتعامل الصارم لغة حوار وتواصل مع الطفل, حتى يفهم الأخير لماذا عوقب وما هو الخطأ الذي ارتكبه واستوجب العقاب عليه, يتوجب علينا أن نحاول باستمرار أن نرسل رسائل وإشارات مباشرة وغير مباشرة تدلل على حبنا غير المشروط للطفل بالرغم من اعتراضنا على سلوكه, كما من المفترض أن نغمره بالحنان والتفهم والتعاطف لا بالهدايا والدلال المفرط, ونحتويه بصورة نوضح بها لماذا أثبناه ونفسر من خلالها أسباب عقابنا له, فنسوق له مبررات تصرفاتنا ودواعي انزعاجنا وغضبنا وعواقب سلوكاته الخاطئة سواء عليه أو على الآخرين, مما سيؤدي إلى تشكيل الوعي لديه وصياغة خلفية فكرية ونفسية اجتماعية وأخلاقية ستبنى عليها شخصيته لاحقا.
أما العم "العو" الذي مثل دور بطل الكثير والكثير من قصص وحكايات آبائنا وأمهاتنا, فأعتقد أننا يجب استبداله بالرجل الحكيم أو الصبي الشجاع أو الفتى الذكي; حتى ننتقل ونرتقي في الوقت ذاته بنوعية الفكر الذي نستثيره في عالم الطفل, عوضا عن أشباح "العو" والعفاريت التي ستطلع له وتنزل وتقعد, إلا إنني أعتقد أن أنياب "العو" ومخالبه لم تكن مجرد أوهام في خيالات حكايات الجدات بقدر ما هي سياسة عربية بامتياز, فكل من يحاول الخروج عن السيطرة أو التغريد خارج السرب, سواء كطفل متمرد أو كمعارض سياسي حتما سيأكله "العو" ويبتلعه دون رأفة!





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع