في خبر بثته وكالة ( بترا ) أن الأردن حصل على 55 درجة من 100 في مؤشر ( نوعية الحياة ) حسب مجلة ( انترناشيونال ليفينج ) ....
هذا هو الخبر بالقدر الذي يهمنا كأردنيين , اما باقي التفاصيل , فهي أقل أهمية بالنسبة لنا رغم اهميتها لنا كعرب , اذ لا يمكننا بالتالي ان نمرّ مرور الكرام على ما أفادتنا به المجلة المذكورة حول الصومال واليمن والسودان التي جاءت جميعا في ذيل القائمة التي تحتوي ( وتقيّم ) 194 بلدا حول العالم ...وفي التفاصيل , فإن الأردن حصل على 80 درجة من 100 في مجال الصحة !! وحصل كذلك على 60 و 59 و 56 و 45 درجة في مجالات المناخ العام والرفاهية والبيئة وتكلفة الحياة والإقتصاد على التوالي .... اما في مجال الحرية فكانت الدرجة 33 وفي البنية التحتية 28 ....
واذا كانت درجتنا متدنية كل هذا التدني في مجال الحرية , فعن ايّة نوعية حياة يتحدث التقرير ؟ والحرية هنا تمتد لتشمل العديد من انواع الحريات التي لاحظنا جميعا كيف هبط سقفها فوق رؤوسنا حتى لتكاد ان تنطبق على الأرض وتحشرنا بالتالي في مسافة لا تتجاوز الملليمتر ( بين سقف من المفروض انه يطاول السماء وبين الأرض ) , وماذا يتبقى من انسانية الإنسان بدون حرية ؟ وكيف سيمارس المواطن الأردني حياته ليبدع وينتج ويتميّز بدون حرية ؟ 33 درجة حصلنا عليها في مجال الحرية , وسنجد هناك من يستكثرها علينا ...فبعض الحكومات تستهويها رعاية القطيع اكثر من تعزيز وترسيخ المعاني السامية للحرية والديمقراطية لشعبها ....
ولن اناقش هنا كيف حصلنا على 80 درجة في مجال الصحة ... انا شخصيا لا أصدّق هذه النتيجة ... ارى انها مرتفعة جدا , ولا ادري كيف اعتمدها معدّوا التقرير ... هل ذهبوا الى المستشفيات الحكومية ليروا بعيونهم كيف ان في داخل كل طبيب وممرض ومستخدم دكتاتور صغير يتناسب ومدى اهمية الموظف , وكيف ان هذا الدكتاتور يقفز فجأة في وجه المريض الغلبان ليشعره انه ليس اكثر من ( عبد ) عند الطبيب او الممرض ؟ وانه لا يجوز للعبد ان يطالب بأيّ حق ؟ وأن ما يمنحه اياه الطبيب او الممرض من وقت ليسمع شكواه هو ( فقط ) منحة منه لوجه الله وليس حقا لمريض جاء للإستشفاء ؟ هل اطلع معدو التقرير على سوء الخدمات في المستشفيات الحكومية والمراكز التابعة لوزارة الصحة ؟ هل اطلعوا على النقص الفادح بالكثير من اصناف الأدوية الضرورية ؟ هل اطلعوا ايضا على الفواتير الصادرة عن المستشفيات الخاصة ؟ وكيف ان المريض الذي يشاء له حظه العاثر ان يقع فريسة لهذه المستشفيات , قد يشفى , ولكنه سيعيش مدينا ما تبقى له من عمر ؟
باختصار شديد ... انا أشك في نزاهة التقرير هذا ... نحن في الأردن , لا نستحق 55 درجة , قد يكون من الإنصاف ان نسبق السودان واليمن والصومال التي كانت درجاتها بين 30 و 33 درجة من 100 , ولكن على ان تكون درجتنا 34 درجة وليس اكثر ....