-1-
لا أدري ماذا جرى لرواية الاديب والصديق عاطف الفراية المتعثرة التي كان يبشر بها بعنوان\"كنت إخوانيا أو فصول من عذابات صالح الذيب\" فيما سبقه باسهاب الصديق الكاتب ابراهيم غرايبة برواية \"السراب\" وسبقتهما مقتضبا برواية \" وهن العظم مني!\"
، ولعلها الوسيلة الوحيدة التي اصبحت متاحة دونما التخوين والتكفير لتوجيه النقد للحركة الاسلامية من الداخل في الاردن عبر الرواية والنص الادبي الذي يبتعد كثيرا عن جمهور الاخوان وهو ما يضع مساحة اوسع امامنا للتعبير..!
-2-
في حج عام 2005 تشرفت وانا ذاهب للعمل الى السعودية على ذات الطائرة بالجلوس مناصفة مع رجل في منتصف السبعين ، يقوم على خدمة حجيج احد الدول الاسلامية وهو يسألهم عن نواقصهم ووجد نفسه مع الطائرة الذاهبة الى جدة ليصير خادم القوم ( اكبرهم!) ، لم يكن هذا الرجل النبيل الا الاستاذ المرحوم كامل الشريف ، الاخواني السابق والوزير والعين والسفير بعد ذلك ، كامل الشريف هذا الذي كنت بمعية احد اساتذة الجامعة الاردنية ذات يوم وهو يراجع الفكر الاخواني السائد بحقبة التسعينات ، فقال بالنص : \" لم تكن الحركة الاسلامية الاردنية قادرة على انتاج الا نخبة قليلة من المفكريين ، وجدوا انفسهم اخر المطاف خارج الاخوان وكامل الشريف هو رأس هذه النخبة القليلة..!
-3-
الغريب اليوم من يراجع سجل الرجال في مصاف الدولة الاردنية الحديثة يجد الاخوان المسلمين ( السابقين!) في كل مصاف القطاعات السياسية من اعلاها الى ما دون ذلك ، اثنين من رؤوساء الوزارات السابقين انخرطوا ذات يوم بالاخوان ، وتأثر ثالث في معظم كتاباته وهو سعد جمعة \" الله او الدمار\"وابناء الافاعي\"و\" المؤامرة\" بالفكر الاخواني السائد في الخمسينات وما تلاها ، فيما عدد كبير من الوزراء والاعيان ورؤوساء الجامعات ووكلاء الوزارات والمؤسسات الوطنية المهمة الذين اُعتمد عليهم بمواقع عديدة كانوا كذلك اخوان سابقيين..!
-4-
لا اعرف بالدقة ولست معنيا بالبحث في ذلك ، لماذ تكون الوجوه اللامعة من اصول اخوانية حيثما وجدت هي دائما من ( الاخوان السابقين!) ، ليس الاخوان (الحاليين) ، هل فعلا شأن بقية الاحزاب المتهمة اليوم بانها غير قادرة على تحديث نفسها وانها بالفعل ( طاردة لاصحاب الكفاءة!)..!
هل كل الوجوه الكفؤة اليوم في الاخوان اصبحت ( اخوان سابقيين)..!
ولماذ فقدت الحركة الاسلامية نصف اعضائها الذين دخلت بهم انتخابات عام 1989 الحاسمة والمهمة في تاريخهم ، فقدت اسماء مثل
العكايلة والخلفات ومحمد الحاج والكساسبة وابوزنط ومن بعدهم العموش وصالح الذنيبات والحلايبة ومن الاعلاميين تقريبا كل القائمة التي كنت اعرف ، كحلمي الاسمر وابراهيم غرايبة وياسر ابوهلالة وسميح المعايطة واخرون ، لماذا تجد قيادات الاخوان نفسها حيثما ارادت ان تبدع خارج الاخوان ، سؤال باقٍ كسؤال ليس غير ، هل هي بسبب الاحباطات التي ترافق الخذلان الذي يجده قادة الاخوان من التنظيم نفسه ، كما حصل في انتخابات 1989 عندما اسقطت الحركة الاسلامية وكانت تمتلك ان تنجح بفعل تعدد الاصوات اسماءً تاريخية مقابل دعم اصحاب الحناجر ،
كما حدث في الكركي مع القائد التاريخي والحليف التاريخي الحاج ممدوح الصرايرة وذات الشيئ في اربد مع الحاج زكي التل ، وتم تلميع اسماء لم نسمع عنها الا في حدود برغماتيتها المعروفة للوصول الى قبة مجلس النواب ، هل هو بفعل النظم الداخلية التي تجعل كل اخواني مرتبط ومراقب بكل ابداعاته في اي مجال هو فيه ومهدد بالمحاكة حيثما اطلق العنان لفكره ان يسبح او ان يتمدد، هل وهل..!! ،، كثرت التساؤلات والحال واحد \" كلنا اخوان سابقون \"، وليس ثمة اخوان اليوم الا القيادات التي بقيت قيادات ورضيت بما ارتضت به ، الاخوان ( الكبار!) صنعتهم الحركة لكنها للاسف لم تحافظ عليهم..!