زاد الاردن الاخباري -
طارق ديلواني - أطلت الجرائم الأسرية برأسها مجدداً في الأردن بشكل مروع، حيث سجلت المنطقة الشمالية من البلاد جريمتي قتل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية راح ضحيتها أبناء على أيدي آبائهم.
ففي مدينة الرمثا، سجلت جريمة مروعة ارتكبها أب بحق ابنتيه اللتين لم يتجاوز عمريهما 12 سنة بعد أن أقدم على قتلهما ضرباً وتعذيباً ومن ثم دفنهما في ساحة المنزل، كما أقدم سبعيني على قتل ولديه بالرصاص على أثر خلاف مالي بينهم.
تفاصيل مؤلمة
وينظر مراقبون بقلق إلى تزايد نسبة الجرائم الأسرية في الأردن خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث تصل إلى 31 في المئة من عدد الجرائم الكلي، معظمها ضد الإناث.
تروي والدة الطفلتين اللتين قتلتا على يد والدهما تفاصيل مؤلمة حول الجريمة، وتقول إنها تزوجته في 2009، لكنها طُلقت منه منذ ست سنوات بسبب سلوكه واصطحبت طفلتيها معها، لكنه أصر على أخذهما قبل شهرين ولم يعدهما منذ ذلك التاريخ.
وأشارت إلى أن طليقها يتعاطى المخدرات، وكان يعذب الطفلتين ويعنفهما بشكل دائم، مبينة أنها ذهبت إلى المركز الأمني وإدارة حماية الأسرة والقضاء لتسجيل شكوى بحقه، لكن محاولاتها باءت بالفشل.
وأضافت أن الجيران أخبروها بغياب طفلتيها اللتين تبلغان ثماني وعشر سنوات عن المنزل منذ أيام، ما دفع دورية أمنية للتحرك إلى هناك والكشف عن الجريمة، حيث اعترف والدهما بقتلهما ودفن إحداهما في ساحة المنزل والأخرى في حفرة جيرية. وقالت التحقيقات الأمنية إن إحداهن أصيبت بالشلل قبل وفاتها جراء الضرب المبرح والتعذيب.
جرائم بلا عقاب
ويقصد بجرائم القتل الأسرية تلك التي تقع من قبل أحد أفراد الأسرة ضد أفراد آخرين في العائلة ذاتها، وتشير إحصاءات عام 2021 إلى وقوع 15 جريمة قتل أسرية ذهب ضحيتها 15 من الإناث.
وتشكل ظاهرة إسقاط الحق الشخصي من قبل ذوي الجاني والضحية عائقاً أمام قوانين محاربة العنف المنزلي، إذ يطوى بعدها كثير القضايا، ما يشجع مرتكبيها على التمادي والإفلات من العقاب كل مرة.
ويعتبر حقوقيون أن إسقاط الحق الشخصي في الجرائم الأسرية غياب للعدالة وانتهاك للحقوق وإفلات من العقاب، ويضم قانون العقوبات الأردني، بحسب نشطاء، عدداً من الثغرات التي تتيح للمجرمين ارتكاب جرائمهم داخل الأسرة.
ويكشف مسح السكان والصحة الأسرية عن تعرض 81 في المئة من الأطفال في الأردن لأسلوب تربية عنيف، بينما تعرض 13 في المئة منهم لعقاب جسدي حاد، وبين المسح أن الأساليب غير العنيفة شملت الحرمان ومنع الأطفال من مغادرة منازلهم، في وقت شمل العقاب الجسدي هز الطفل وصفعه وضربه باستخدام الحزام أو العصا، في حين تضمن العقاب الجسدي الحاد ضرب الطفل أو صفعه على الوجه أو الرأس أو الأذنين، وضربه مراراً وتكراراً بقسوة.
الصحة النفسية للأردنيين
ووضعت الجريمتان علامات استفهام كبيرة حول الصحة النفسية للأردنيين، إذ يشير مستشار الطب الشرعي، هاني جهشان، إلى أنه لا وجود لأية جهة حكومية تقدم الرعاية النفسية للمصابين بالأمراض والاضطرابات النفسية، على الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية بإنشاء مديرية للوقاية من العنف والإصابات منذ سنوات عدة، ضمن وزارة الصحة، لكن ذلك لم يتحقق.
ويطالب جهشان بتطوير التشريعات المتعلقة بالطب النفسي، بحيث تشمل الأطفال الأقل من 18 سنة، إضافة لبرامج الوقاية من العنف والإدمان وبرامج التوعية الوالدية، والكشف الباكر عن العنف الأسري وخدمات الاستجابة العاجلة لهذه الحالات.
أما الجريمة الثانية التي استخدم فيها القاتل السبعيني سلاحاً نارياً لقتل ولديه، فسلطت الضوء على ظاهرة اقتناء السلاح بكثافة بين الأردنيين من دون ضوابط.
وتشير إحصاءات صادرة عن وزارة الداخلية الأردنية، إلى أن عدد قطع السلاح المرخصة في الأردن يزيد على 400 ألف قطعة، في حين يقدر عدد المحال التي تبيع الأسلحة بـ95 محلاً ومؤسسة مرخصة، بينما يقدر مراقبون عدد قطع السلاح بين أيدي الأردنيين بنحو مليون قطعة سلاح.