لا شك أن الزيارة الرسمية التى سوف يقوم بها الرئيس الأمريكى جو بايدن لبعض دول المنطقة فى منتصف هذا الشهر وتحديداً إلى كل من إسرائيل والضفة الغربية والسعودية على التوالى ، تحمل العديد من الدلالات كونها أول زيارة للرئيس بايدن للمنطقة منذ توليه السلطة ، علماً بأنه قد التقى قبل هذه الزيارة بالملك الأردنى عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظم.
أولويات الزيارة لكافة الأطراف
– بالنسبة للولايات المتحدة
١- الحفاظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة وتدعيمها .
٢- إعادة التأكيد على الإلتزام الأمريكى بأمن إسرائيل.
٣- دعم كافة الجهود التى تؤدى إلى مزيد من إندماج إسرائيل فى المنطقة العربية سواء من خلال تقديم كل أوجه الدعم لإتفاقات التطبيع الإسرائيلية العربية أو إستكشاف فرص توقيع إتفاقات جديدة .
٤- إستمرار محاولات إدخال السعودية فى حزام دول التطبيع مع إسرائيل خاصة وأن السعودية من وجهتى النظر الإسرائيلية والأمريكية تعتبر أهم دولة عربية متبقية فى المنطقة من المطلوب أن تأخذ خطوات أكبر فى مجال التطبيع تمهيداً لتوقيع إتفاق سلام أسوة بالدول الأخرى التى وقعت إتفاقات مع إسرائيل خلال العامين الأخيرين ( لازالت السعودية متمسكة بعدم توقيع إتفاق مع إسرائيل فى ظل عدم حل القضية الفلسطينية ).
٥- التأكيد على إستمرار تبنى الإدارة الحالية مبدأ حل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية ، وأن واشنطن لن تتخل عن هذا المبدأ وأنها حريصة على ألا تقوم سرائيل بتصعيد إجراءاتها تجاه الفلسطينيين فى الضفة الغربية .
– بالنسبة لإسرائيل
١- سعى إسرائيل أن تحصل على الدعم الأمريكى من أجل مزيد من عملية دمجها فى المنطقة ولاسيما تجاه السعودية .
٢- إغلاق المجال أمام إمكانية وضع مبدأ حل الدولتين موضع التنفيذ من خلال فرض شروط تعجيزية لإستئناف المفاوضات أو رفض تقديم أية تنازلات لصالح الفلسطينيين بدعوى مبررات أمنية واهية .
٣- الحصول من الولايات المتحدة على مزيد من الدعم السياسى والأمنى والعسكرى وخاصة تجاه التهديدات الإيرانية مع التأكيد القاطع على أن لإسرائيل الحق فى التصدى لهذه التهديدات بنفسها وفى الوقت الذى تراه مناسباً حتى تمنع إيران من أن تمتلك السلاح النووى .
– بالنسبة للسعودية
١- التأكيد على قوة ومتانة التحالف الخليجى مع الولايات المتحدة بإعتبار أن هذا التحالف الإستراتيجى لايمكن أن ينهار مهما تعرض إلى بعض المشكلات أو الإختلاف فى وجهات النظر الثنائية وهو الأمر الذى يتطلب من وجهة النظر السعودية أن تكون هناك رؤية أمريكية أعمق لهذه العلاقة وأن تركز على القضايا الرئيسية الهامة فقط بعيداً عن أية قضايا أقل أهمية .
٢- التأكيد على عدم الرضاء الخليجى عن السياسة الأمريكية تجاه إيران وسياساتها وتحركات وكلائها فى المنطقة وأن عدم الجدية الأمريكية من شأنها أن تشجع إيران على التمادى فى سياساتها العدوانية ضد دول الخليج وخاصة ضد السعودية رغم أن وقف إطلاق النار فى اليمن وفر مناخاً إيجابياً نحو التهدئة وحل الأزمة اليمينة .
٣- محاولة تنقية المناخ السلبى الذى أحاط بالعلاقات الأمريكية الخليجية خلال الفترات الأخيرة وخاصة فى أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وما نجم عنها من بعض المتغيرات بشأن إرتفاع أسعار البترول ومحاولة إتخاذ الإجراءات اللازمة لحل هذه المشكلة وخاصة زيادة معدل الإنتاج مع إمكانية إبداء السعودية قدراً من المرونة فى هذا الشأن .
– بالنسبة لفلسطين
من المؤكد أن هذه الزيارة فى حد ذاتها تعد خطوة جيدة تحاول الإدارة الأمريكية من خلالها الإشارة إلى توازن سياساتها تجاه القضية الفلسطينية، إلا أن هناك أربع ملاحظات أساسية على الموقف الأمريكى تجاه القضية الفلسطينية : –
١- أن موضوع حل الدولتين الذى تبنته الإدارة الديمقراطية الحالية لم يلق أي إهتمام أمريكى منذ تولى بايدن الحكم وحتى الآن وبالتالى يبدو أن صفقة القرن التى طرحها الرئيس السابق ترمب لازالت عالقة فى أذهان الإدارة الحالية – حتى فى بعض بنودها – وهو الأمر المرفوض شكلاً ومضموناَ .
٢- أن هناك خطوات إيجابية كان ينبغى على الإدارة الأمريكية أن تتخذها تجاه السلطة الفلسطينية طبقاً لوعود أمريكية سابقة ولكنها للأسف لم تتم حتى الآن ( إعادة إفتتاح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية – رفع منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة الإرهاب ) ومن ثم من الضرورى أن تتخذ الإدارة الأمريكية قرارات سريعة وإيجابية تجاه هاتين المسألتين .
٣- أن إدارة الرئيس بايدن لم تتخذ أية مواقف حاسمة تجاه السياسات الإسرائيلية المتطرفة إزاء الفلسطينيين ( إقتحام المسجد الأقصى – سياسات الإستيطان المتسارعة – عمليات القتل والإعتقال وهدم المنازل وتهجير السكان ) وإكتفت ببعض بيانات الشجب التى ليس لها أى تأثير .
٤- أن أى تعامل أمريكى مع القضية الفلسطينية بعيداً عن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لن يكون مجدياً مهما كانت طبيعة الإجراءات الأمريكية الأخرى المتخذة فى هذا الشأن .
– بالنسبة لدول المنطقة
إن الدعوة السعودية التى تلقتها كل من ( مصر – الأردن – العراق ) لحضور قمة مجلس التعاون الخليجى التى سوف يشارك فيها الرئيس الأمريكى سوف تكون فرصة للتأكيد على قوة علاقات هذه الدول الثلاث مع دول الخليج وفى نفس الوقت فإن الإلتقاء بين زعامات الدول الثلاث مع الرئيس الأمريكى سوف يكون أيضاً فرصة للتأكيد على قوة العلاقات بين هذه الدول والولايات المتحدة .
حسن صايل المسافر
١١/٧/٢٠٢٢