من ضمن فعاليات مهرجان جرش وضع الادب الساخر الاردني على قائمة الفعاليات ، وهذا شيء مميز ويستحق التقدير من ادارة المهرجان ، ولكن ما اثار حفيظتي على هذه المشاركة تعليق مذيعة في محطة أف أم خاصة عندما اشارت الى تفرد الاردن بهذا النوع من الادب ليس على مستوى الوطن العربي فقط بل على مستوى العالم .
وهنا تكمن المعضلة في طريقة الطرح من قبل هذه المذيعة ، لأنه من الصعب أن يتم نسيان تاريخ الادب الساخر في مصر وفي بقية الدول العربية ، وطبعا في العالم ، أما النقطة الثانية وقد جاءت من خلال أن هذا النوع من الادب الاردني الذي نحترم ونجل جعلني أخرج بمفهوم واحد لشرح العلاقة ما بين النكتة سواء السياسية أو الاجتماعية وثقافة الضحك عند المجتمع الاردني .
فنحن في الاردن نعرف بأننا شعب أبو كشره وتبويزه ولا نضحك للرغيف السخن ، ومع ذلك استطاع هذا النوع من الادب أن يثبت حضوره على ساحة الادب الاردني على شكل مقالات انتقادية للوضع السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ، وبمهارة عالية ، اذا ما العلاقة التي تربط بين هاتين الظاهرتين الاردنيتين والمتناقظتان في نفس الوقت .
بعد طول تدقيق وتمحيس وبحث في هذه العلاقة وجدت أننا في الادن كشعب لانزال نخجل من إظهار اسنانا للأخرين ونكتفي بإبرازها في صورة من التبويز والتكشير كي لايقال عنا أننا شعب خفيف أو صاحب ظل خفيف ، واكتفينا بأن نمارس هذه الحالة الانسانية الطبيعية مع انفسنا اثناء قراءة هذه النوع من الادب الذي يمكن قرائته أمام صفحات الجرائد أو لوحات الكمبيوتر من خلال المواقع ، ولايكون الى جوارنا أحد كي يقول أننا خفيفين كالريشه أو اصحاب نكته أو تظهر اسناننا أمام الاخرين، وتضرب وتنهار الصفة الرجولية في الشخصية الاردنية .
والذي اكد لي تلك الظاهرة حالة واقعية حدثت معي اثناء قيامي برحله دراسية الى لبنان ، فقد كان المرافق السياحي في الرحلة شاب اردني من الكرك ، وقد حاول هذا الشاب طوال الرحلة التي استمرت نهارا كاملا أن يوجد جو من الفرح والابتسام من خلال القاءه مجموعة من النكات والملاحظات ( ولاننسى انه من الكرك واستنشق من هواء لبنان ) ، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل ، وأعلن استسلامه في نصف الطريق وطلب من السائق أن يشغل المسجل على اغاني متنوعة لبنانية ، ومع ذلك لم يشارك أحد في الطرب مع اصراره على ان نشارك ، ونحن يبلغ عدننا خمسون شخص ومنا من كان يرافقه اطفاله
ولكن في نهاية الامر تمكن هذا المرافق السياحي الاردني الكركي أن يجد مفتاح السر عند الاردنيين فطلب من السائق أن يشغل شريط به أغاني وطنية من مثل ( عنقر عقالك ... يا عبدالله الثاني يا راعي ...) ، وهنا بدء الركاب بالغناء والتصفيق والمشاركة ، واستمرت الحالة لمدة نصف ساعة وانتهى الشريط وانتهت حالة الفرح الاردنية .
وخلاصة الحالة هذه وجدت أننا كأردنيين متفردين في الضحك المنفرد مع اننا نمتلك نوع من الادب الساخر نتميز به عن بقية الدول العربية والعالم ، مع تحفظي على صيغة المبالغة التي استخدمتها مذيعة المحطة الاذاعية .