مقابلة تتجاوز شكل المقابلات، مقابلة تصلح لأكثر من حالة ومضمون وفِكر، لثراء ما تضمنته من معلومات هامة جدا، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وضعها جلالة الملك عبد الله الثاني برؤى عبقرية، مشخّصا واقع الحال ومقدما أشكالا لآليات التعامل مع ظروف المرحلة من تحديات وعقبات اضافة للفرص.
مقابلة جلالة الملك عبد الله الثاني لقناة (سي إن بي سي الاقتصادية الأمريكية)، وأجرتها الإعلامية هادلي غامبل أخيرا، ضمن برنامج لتسليط الضوء على القطاعات الاقتصادية في الأردن، تحمل عمقا يجعلها تشكّل نهج عمل على الصعد كافة على المدى الحالي والطويل، وليس لفترة وتمرّ.. فقد تلاقت أفكار ورؤى جلالة الملك حدّ التطابق مع كافة ظروف المرحلة وسبل التعامل معها، واضعا جلالته أفكارا ثريّة لنتائج ايجابية مؤكدة مستقبلا.
قراءة مضامين مقابلة جلالة الملك تحتاج الكثير من المتابعة والتدقيق والقراءات والتحليل، نظرا لما حملته من عمق حول كافة قضايا المرحلة، تحديدا في بعديها الاقتصادي والسياسي، الى جانب حديث جلالته حول رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها الأردن للسنوات العشر المقبلة، بهدف الاستمرار بالتعافي من آثار جائحة «كورونا» والتخطيط للأعوام المقبلة للاستفادة من الفرص المتوفرة في المملكة، خاصة في ظل تبعات الأزمة الأوكرانية، لتكون صيغة عملية للتعامل مع تحديات واضطرابات تفرضها الظروف على المملكة.
وأشار جلالته في إجابته عن سؤال حول الحاجة لحلف مثل الناتو للشرق الأوسط، إلى (أن الأحلاف مسألة معقدة إذا لم يتم تحديد ماهيتها ومهامها الأساسية، مؤكدا ضرورة مراعاة الارتباطات الأخرى مع دول العالم والوصول إلى الصيغة المناسبة لتكون مهمة التحالف واضحة جدا، وإلا ستربك الجميع)، وضوح في الفكرة والمعنى، وصيغة منطقية وهامة لوجود حلف للشرق الأوسط كحلف الناتو، فالأمر كما قال جلالته يحتاج الوصول لصيغة مناسبة توضّح مهمته وإلاّ سيكون مربكا للجميع.
ورأى كثيرون أن حديث جلالته عن موضوع حلف للشرق الوسط، هاما ويحمل بعدا علميا يؤخذ به على محمل التطبيق العسكري والأمني، والإداري، فشكّلت إجابة جلالته على السؤال حول الحاجة لحلف مثل الناتو، للشرق الأوسط، صيغة للتطبيق مرفقة بأدوات نجاحه، بمصطلحات سياسية وعسكرية واضحة وعميقة وتضع النقاط على حروف أضاع البعض جوهرها، محددا شكل هذا التحالف والأهم محددات نجاحه.
وبصورة عامة فإن مقابلة جلالة الملك لقناة (سي إن بي سي الاقتصادية الأمريكية) لم تتناول فقط حال المرحلة، إنما حملت مضامين مستقبلية هامة وجدلية في بعضها، مقابلة غنية جدا بتناول الأحداث، غير أنها في الوقت نفسه حملت تفاصيل هامة حول التجربة الأردنية الثريّة في جوانب مختلفة أبرزها الاصلاح الاقتصادي والسياسي والاداري، وما ينعم به الأردن من أمن واستقرار، وغيرها من محطات النجاح الأردنية التي تأتي في إطار قصص نجاح بقيادة جلالته هامة جدا، تراكمت في خضم أحداث فرضتها ظروف المرحلة هي أقرب للتحديات.