زاد الاردن الاخباري -
سوسن مكحل- لا يترك علاء، ابن الخمسة عشر ربيعاً، ورقة في البيت، إلا ويخط عليها أكثر من مرة، توقيعات مختلفة باسمه، محاولاً بذلك إيجاد توقيع خاص به يعبر عن شخصيته.
وفي كل التجارب، يحاول علاء استنباط توقيع، من خلال التوقيع الذي يخطه والده في المعاملات كلها، ولكن محاولاته كلها، باءت بالفشل؛ لأنه أراد توقيعاً مميزاً مختلفاً عن الآخرين.
علاء من بين كثيرين، ما يزالون يضعون نماذج مفترضة لتوقيعات؛ علهم يجدون الملائم منها لشخصياتهم ومن ثم اعتماده.
ويعتبر التوقيع وفق اختصاصية التحليل السلوكي اليس ويسر "بطاقة تحليل نفسي للبشر، ويخبر الآخرين عن جوانب خفية من الشخصية".
العشرينية ريما وحيد، تؤكد "وجدت صعوبة في أن أحمل توقيعاً خاصاً بي"، وهي إلى اليوم غير راضية عن توقيعها، الذي استقرت عليه بعد مرور أعوام طويلة تنقلت خلالها بين توقيعات متعددة.
وتضيف ريما، التي حاولت تقليد والدتها في طريقة توقيعها، أنها لم تختر التوقيع المناسب بعد، واصفة رحلة الكشف عن توقيع خاص بـ"المرهقة".
وتردف "قناعتي بأن التوقيع، يدل على الشخصية، ويمنح الثقة بالنفس، مما جعلني أعيش حالة التوتر هذه".
ومن خلال التوقيع، يمكن معرفة ما إذا كان الموظف يتمتع بـ"أخلاق مهنية عالية، وبالمهارات الاجتماعية والاتصالية وبالحس الإبداعي" وفق قول خبير الطاقة عبد الناصر جرار، الذي يؤكد أن التوقيع يرتبط بـ"الشخصية ويعكسها".
كما ويمكن معرفة حب الموظف للعمل الجماعي، أو العمل وحده، وغيرها من الصفات من خلال توقيعه.
واختلاف طريقة التوقيع، وفق جرار، تشير إلى "قدرة إنجاز الموظف في عمله"؛ فمن يختتم توقيعه للأعلى ينجز أكثر ممن يميلون إلى توقيعات التي تكون إلى لأسفل".
ورغم أن هنالك العديد من أطباء النفس، الذين لا يرون أن للتوقيع علاقة بتحليل الشخصية، إلا أن من يقبلون على تحليل شخصياتهم من خلال توقيعاتهم، في تزايد مستمر.
ويبين اختصاصيو التحليل السلوكي في العالم، الذين يدعمون فرضية تحليل الشخصية من التوقيع، أن "الخط والتوقيع، يأتيان كنتيجة لتحركات دماغية انعكاسية غير مخطط لها، وهذا ما يجعل تحليلها دراسة لما في عقل الإنسان من عواطف وأفكار ومشاعر".
ويرتبط ذلك بعدة عوامل مؤثرة في اختلاف الخطوط والتوقيع، منها الصحة والمرض، فخط الشخص السليم ليس كخط المريض.
فإذا كان الشخص صحيح البدن، عارفاً بقواعد الخط، تشابهت رسوم حروفه، ومعالمها، وأساليب اتصالها، وتناسبت أوضاعها، وتظهر معه سهولة حركة اليد.
أما لو كان مريضاً اضطرب خطه وظهرت فيه رعشات عميقة أو خفيفة.
وتعود أولى محاولات تحليل الخط، للشاعر الأميركي الكبير إدجر ألين، عندما قام بتحليل بعض خطوط اليد وتفسيرها ونشرها، وأسمى هذا علم "الجرافولوجي".
ولم يكن آنذاك أي انتشار لهذا العلم، إلى أن جاء العالم كاميلو بالدو الإيطالي، وهو بروفيسرور في الطب وعلم النفس، ونشر كتاباً في تحليل الخط في العام 1662 ووضع الأسس لهذا العلم، لذلك اعتبر الأب لعلم تحليل الخط.
وعرف الجرافولوجي وقتها، على أنه العلم الذي يبحث في معرفة الناس من خلال خط الكتابة لديهم.
بعد ذلك انتشر العلم في كل من فرنسا و ألمانيا، وبضع دول أوروبية، ثم وجد قبولاً في أميركا مطلع عام 1915 عن طريق العالم بيكر، الذي أسس الجمعية الأميركية لتحليل الخط، وتبعتها العديد من المعاهد كمعهد علم تحليل الخط.
والشركات الكبرى العالمية، والحكومات في بعض دول العالم المتقدم، كما تقول ويسر، تعمد إلى توظيف الأشخاص بناءً على توقيعهم، وخط اليد الخاص بهم؛ لاكتشاف الجوانب الإبداعية والخفية في الشخص قبل التعيين، ولأن تحليلها أشبه بـ"فتح نافذة إلى الدماغ".
وسام عمر (25 عاماً)، التي اختارت توقيعاً بسيطاً لها، وهو يمثل الحرف الأول من اسمها ترفض فكرة ارتباط التوقيع بالشخصية، وأن يكون لذلك علاقة في العمل والإنجاز.
وتبرهن على صحة فكرتها، بوجود أذكياء خطهم غير واضح، وتوقيعهم كذلك، وتقول "وهذا بالضرورة لا يعني بأنه شخص غير كفؤ لعمل ما".
غير أن الثلاثيني شرف، صاحب إحدى الشركات الخاصة، يعتمد في اختيار الموظف المناسب من خلال الخط والتوقيع، معتبراً أن فيهما دلالة مهمة على اعتزاز وثقة الفرد بنفسه وعدم تردده.
وهذا ما يذهب إليه مدير المبيعات عمر سليم (32 عاما)، ويبين أن توقيعه الذي توصل إليه بعد الاطلاع على توقيعات المشاهير، يلقى إعجاباً لدى الكثيرين من زملائه في العمل ، موضحاً أن توقيعه المميز، لعب دوراً مهماً في حياته على الصعيد الشخصي والعملي.
وحللت يسر توقيعات عدد من المشاهير، منهم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وحوله تقول "من توقيعه يمكن التأكد أن كلينتون وفي لما يعتقد أنه صحيح، ولديه رغبة قوية في تحقيق طموحه وأهدافه، ويجهد نفسه لإرضاء الآخرين، وهذا الأمر يجهده نفسياً، وقد يظهر للعيان بأنه طيب وسهل الإرضاء لكن يوجد شخص عنيف مخفي بداخله".
في حين أوضحت أن توقيع ملكة البرامج الحوارية اوبرا وينفري، يشير إلى أنها تحب الخصوصية، رغم ظهورها بأنها تحب مشاركة حياتها مع الآخرين ، معتمدة جداً على نفسها، ومشككة بالآخرين وتبقى خلفهم، لإثبات ما يقولون، وفريدة في مجابهة العقبات والمشكلات".