تختلف الشعوب الإسلامية بطريقة استقبالهم لشهر رمضان الكريم. فبالإضافة إلى تكديس المواد الغذائية عند معظم شعوبنا الإسلامية إلا أن بعضها يحرص على إضافة جو من البهجة للناس بقدوم هذا الشهر كالمصريين (مثلا) الذين يستقبلونه بالفوانيس والأغاني الخاصة بهذه المناسبة.
في سلطنة عُمان لفتت انتباهي ظاهرة بين الطلاب الذين أدرسهم بالكلية هنا أنهم يتحدثون عن ما يسمى (قتل الحنش) قبل شهر رمضان، ولم أكن اعرف ما المقصود بقتل الحنش هذا. وفي الحقيقة كنت اعتقد أن المقصود بالحنش هو الأفعى لأننا نطلق عليها في بعض المناطق بالأردن (الحنيش) كما أن المصريين يطلقون اسم الحنش على الأفعى. وعزز هذا المفهوم لديَّ أنهم يترجمونها للزملاء المدرسين الأجانب هنا بهذا المعنى (we are going to kill the snake). وقد كنت استغرب لماذا يُقتل الحنش هذا قبل رمضان فقلت في نفسي أن هناك احتمال أن يكون هذا النوع من الحنش لا يظهر إلا بهذا الفترة قبل رمضان. و ربما يكون هذا الفهم عند من سبقنا سبب هذه الترجمة المغلوطة لهذا المفهوم.
ومع مرور الوقت تبين أن المقصود بهذه العبارة هو احتفال غذائي دسم قبل رمضان حيث يجتمع الأصدقاء برحلة أو جلسة معينة ليتناولون هذه الوجبة استعداداً لرمضان. و كنت كثيرا ما أسألهم عن سبب هذه التسمية فلا أحظى بإجابة مقنعة ويكتفون بالقول أنها عادة ورثها الآباء عن الأجداد، ولا يعرفون لها معنى. وبقيتُ في هذه الحيرة إلى أن تفضلت إحدى الطالبات النبيهات فوضحت بعد أن سألتها أن المقصود بالحنش هو الحنشان (دود البطن) التي في معدة الإنسان؛ فهم يعمدون إلى إطعامها حتى لا تثور عليهم برمضان.
وفي الحقيقة فإن القضية لا علاقة لها بالأفاعي أو بحنشان البطن، بل هي فقط احتفال طريف بقدوم الشهر الفضيل. و لقد استخدام الحنش هذا من أجل إضفاء شيئاً من المرح للاحتفال؛ فهم يدركون طبعاُ أن الحنشان لا تهدأ بالأكل قبل رمضان أو بعده.
المهم في الموضوع أننا المغتربين أصبحنا نشاركهم هذه العادة ونتحدث كما يتحدثون عن قتلنا للحنش إذا ما شوهدنا والعائلة بمطعم أو برحلة خارج المدينة قبل رمضان.
لا أدري إن كانت ظاهرة قتل الحنش منتشرة بمناطق السلطنة الأخرى أو بباقي دول الخليج لكني حدثتكم عن محافظة ظفار حيث أعيش.
وكل عام وانتم بخير
Alkhatatabeh@hotmail.com
Alkhatatbah.maktoobblog.com