أنهت الحرب الروسية – الأوكرانية شهرها الخامس ولا تزال إنعكاساتها السلبية على جميع دول العالم دون إستثناء من إرتفاع في أسعار النفط والغاز وتوقف إمداد جزئي لهذه المادتين لدول أوروبا, وإرتفاع بأسعار السلع الغذائية وخصوصاً الإستراتيجية بسبب النقص في الإمداد , وإرتفاع تكاليف الشحن , وتوقف وإنقطاع لسلاسل التزويد والإمداد , والنقص في إنتاج المصانع من البضائع المتنوعة بسبب قلة المواد الخام وإتجاه الإقتصاد العالمي نحوالركود التضخمي Stagflation.
إن أكبر المتضررين من هذه الحرب هي دول الإتحاد الإوروبي وعددها 27 دولة وكذلك دول العالم الثالث, فالعقوبات الإقتصادية على روسيا لم تؤتِ بثمارها بل جاءت في صالحها , وأثرت على دول الناتو في أوروبا تأثيراً سلبياً.
فالسؤال المطروح هو : هل يستطيع بوتين إنهاء الحرب منتصراً هذا العام بدون إستخدام السلاح النووي؟
وللجواب على هذا السؤال بتقديري: نعم , وذلك إذا أقدم الرئيس الروسي بوتين على إستخدام أحد الأوراق التالية التي من شأنها إجبار أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين والولايات المتحدة على الجلوس الفوري مع روسيا لمفاوضات إنهاء الحرب وبالشروط الروسية, وهذه الأوراق هي:
1) إستكمال إحتلال الموانىء الجنوبية لأوكرانيا حتى الوصول إلى ميناء أوديسا والذي يعتبر أكبر ميناء بحري أوكراني بقدرة مرور سنوية إجمالية تبلغ 40 مليون طن (15 مليون طن جاف و25 مليون طن سائل) وبذلك سيتم عزل أوكرانيا عن العالم .
2) إحتلال العاصمة الأوكرانية كييف مما سيؤدي إلى سقوط أوكرانيا بيد روسيا والسيطرة على القيادة الأوكرانية وعزل الرئيس الأوكراني.
3) قطع كامل لإمدادات الغاز إبتداءً من الأول من أيلول القادم مما سيدفع بالدول الأوروبية بالضغط على حليفتها الولايات المتحدة لا بل والتمرد عليها لإيقاف الحرب والدخول بمفاوضات مع روسيا, حيث تشكل صادرات روسيا لأوروبا من الغاز 40% من إحتياجاتها السنوية والتي تبلغ 550 مليار متر مكعب سنوياً.
4) قيام روسيا بإجراء إستراتيجي تكتيكي وذلك بنصب صواريخ باليستية متوسطة المدى ( Medium Range Ballistic Missile (MRBM))بالقرب من الولايات المتحدة على أراضي أمريكيا الوسطى أو أمريكيا الجنوبية وبالتحديد على أراضي دول حليفة لروسيا مثل نيكاراجوا وفنزويلا وكوبا حيث يقع مدى هذا الصاروخ من 1000-3000 كم وذلك لعمل تهديد حقيقي ومباشر للولايات المتحدة والذي من شأنه إجبارها على إيقاف الحرب والدخول بمفاوضات مباشرة مع روسيا, على غرار ما يفعله حلف الناتو بالتهديد بنشر صواريخه على حدوده مع روسيا وتهديده للعاصمة الروسية موسكو, والتي ستعيدنا للوراء إلى تشرين الأول من عام 1962 وأثناء الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة عندما قررت روسيا نشر صواريخ نووية متوسطة المدى في كوبا رداً على نشر أمريكيا 100 رأس نووي في أوروبا لتهديد موسكو, والتي عرفت بأزمة الصواريخ الكوبية (تسمى في روسيا بأزمة الكاريبي).
5) اللعب السياسي مع أحزاب المعارضة الأوروبية والتي أصبحت على مقربة من إستلام سدة الحكم في دولها وخصوصاً تلك الدول المؤثرة داخل البرلمان الأوروبي ,وقد رأينا مؤخراً استقالات لحكومات داخل حلف الناتو مثل بلغاريا وبريطانيا وإيطاليا نتيجة لضغط الأحزاب المعارضة , والضغط الإقتصادي لما يعانيه المواطنين من إرتفاع بأسعار الطاقة والسلع وتكاليف المعيشة في تلك الدول بعد قناعتهم التامة بعبثية هذه الحرب وما لها من اثر سلبي عليهم , ومن المرجح سقوط حكومات أخرى قريباً مثل الحكومة الفرنسية والألمانية ,مما سيؤدي إلى إقدام البرلمان الأوروبي بالضغط على الشريك الأكبر لحلف الناتو وهي الولايات المتحدة لإيقاف الحرب والدخول بمفاوضات مباشرة مع روسيا.
إن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية أصبحت مطلباً عالمياً لجميع دول العالم كونها أضرت كثيراً بالإقتصاد العالمي وأثرت مباشرة على شعوب العالم وخصوصاً التهديد بالمجاعات العالمية لمعظم دول العالم الثالث , إضافة إلى تدمير الكوكب الذي نعيش عليه بسبب الإحتباس الحراري وعدم السيطرة على إرتفاع حرارة الأرض خلال الفترة القريبة, ناهيك عن صعوبات الحياة التي أصبح يعاني منها معظم سكان العالم دون تمييز , لذلك يجب الدفع بإنهاء هذه الحرب الكارثية بشتى أنواع الطرق وبأسرع وقت ممكن .
م.مهند عباس حدادين
رئيس مجلس إدارة شركة جوبكينز الأمريكية
مستشار مجموعة DDL الأمريكية-CDAG
mhaddadin@jobkins.com