حسن محمد الزبن - رغم كل الجهود والخطط التربوية التي تتبناها وزارة التربية والتعليم كل عام لتطوير امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، إلا أنه لا يزال هذا الإمتحان بالنسبة لطلاب المملكة وعائلاتهم يعتبر "شبحا"، يزيد من توترهم وقلقهم وخوفهم لما بعده من نتائج، ويبعث على الجو العام الهم والغم حتى تنقضي أيام الامتحانات، بما حملته من خيبات لطموحات الطلاب، بسبب الملاحظات العديدة على بعض الأسئلة في مباحث الامتحانات، والوقت غير الكافي، وعدم مراعاة الفروق الفردية لدى الطلاب، فلا مجال للمقارنة بين طالب في المدارس الخاصة تأسس بشكل ممتاز في مبحث اللغة الإنجليزية حتى وصل التوجيهي ويتحدثها كأنه ابن هذه اللغة، على عكس الطالب في المدارس الحكومية الذي لم يصل إلى نفس المستوى لزميله الذي تلقى تعليمه في قطاع التعليم الخاص.
وهذا كان جليا وواضحا في امتحان اللغة الإنجليزية، وأجمع الأساتذة وأهل الإختصاص أن الوقت فعلا لم يكن كافيا، وأن الأسئلة كانت تحتاج إلى طالب متمكن من اللغة الإنجليزية، وليس هذا فحسب، فقد كان هناك آراء تخص مبحث الرياضيات، ومبحث الكيمياء، تؤكد أن الوقت لم يكن كافيا، وأن الطالب كان بحاجة إلى وقت إضافي ليستكمل إجاباته، وهناك آراء أخرى تخص مباحث عديدة في امتحان التوجيهي، عليها استفهامات، وتساؤلات، يجب التوقف عندها، تدعونا للمطالبة بمؤتمر تربوي واسع تحت مظلة وزارة التربية والتعليم، يتم طرح كل الأفكار الخاصة بامتحان "التوجيهي"، وصياغة خطة تربوية عميقة وحديثة، تنهض بهذا الجانب، لمعالجة كل الاختلالات والمشكلات التي تعترض هذا الإمتحان، لنخرج من دائرة الخوف والقلق، ونخرج من المبالغة في التحضير لهذا الامتحان على المستوى العائلي فيما يخص الأبناء الطلاب، وعلى الجانب الآخر نخرج من تكثيف الجهود وحالة الطوارئ القصوى التي تتخذها وزارة التربية والتعليم للتعامل مع هذا الامتحان، يدعمها جهود يبذلها جهاز الأمن العام وكوادره لتغطية كافة مدارس المملكة أمنيا.
ولا ننكر أن وزارة التربية والتعليم أحسنت صنعا عندما خصصت دورات تكميلية مدروسة لامتحان "التوجيهي"، يساعد الطلاب في استدراك الوقت، وتعديل نتائجهم ببعض المواد التي أخفقوا بها، ويكون بمقدورهم اللحاق بالتعليم الجامعي كباقي الطلاب اللذين حصلوا على مقاعدهم في الجامعات والكليات الأردنية.
وأعتقد بتواضع أنه يجب أن نؤسس لأن يكون جزء من علامة الطالب تعتمد على تحصيله الدراسي في سنوات سابقة، ويجب أن يُعهد إلى أساتذة أكفاء في وضع أسئلة إمتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، لكي لا نبقى في كل عام نراوح مكاننا في دائرة نفس الملاحظات والانتقادات التي تطرأ على الجو العام للامتحان.
نأمل أن تأخذ وزارة التربية والتعليم بكل الآراء التي تحدثت في هذا الجانب، وتعود لبنك معلوماتها لملاحظات سنوات سابقة، لتتناولها في مؤتمر يتبنى فعلا إعادة هيكلة إمتحان الثانوية العامة"التوجيهي"، فلدينا من الخبرات التربوية، والأدمغة ما يمكننا أن نصل إلى نتائج نرتقي بها لأعلى مما نأمل ونصبو.
ويجب أن نضع في سلم أولوياتنا هيبة المعلم ورد الاعتبار له، لأننا بذلك نحفظ الهيبة للتعليم بأن يبقى مستواه عاليا، ونفخر أمام العالم إلى ما وصلنا إليه عبر مراحل التمكين لمنظومة التعليم في الأردن، ونفتخر أيضا ويكون مصدر إعتزاز لنا عندما تطلب منا الدول الشقيقة الاستفادة من خبراتنا التعليمية.
كما أننا بحاجة إلى مركز وطني للقياس والتقويم يتولى مهمة الامتحان للثانوية العامة "التوجيهي"، يضمن الشفافية، ويخفف الضغط النفسي الذي لم يزل جاثما على قلوب الأردنيين على مدار سنوات مضت، وكل التقدير لكل الجهود التي بذلت في امتحان" التوجيهي"، ولكن الطموح دائما يحدونا للأفضل.