بقلم: د. عبدالله اصحاب
هنيئا لك، جلالة الملك المعظم، بالشعب الاردني، وهنيئا لنا بك.
كلنا الاردن ... كلنا نفدي الاردن، كلنا نحب مليك الاردن، معظمنا، وللاسف، ليس كلنا، نكره الفساد والمفسدين
ما أعظم الشعب الاردني! ما اخلصه! ما اكرمه! وما ارقاه!
ما اعظم الشرق اردنيين اليوم! وما اخلص واوعى الغرب اردنيين! وما اكرم اردنيي الشمال! وما ارقى واعدل اردنيي الجنوب! وما اسعد الوسط باخوانه الاردنيين اينما وجدوا! بوركت يا شعب الاردن الأبي. كم انا فخور بك اليوم.
ايها الشعب الأردني الطيب، اثبت انك مخلص لقيادتك وعروبتك وامتك الإسلاميه. اثبت وعيك وتقديرك للامن والأمان ونعمة الإستقرار التي تحظى بها اليوم. اعلنت على الملأ رفضك للفساد والمفسدين، وقررت البدء بالاصلاح، وبنفسك اولا. خرجت في مسيرات سلمية. طالبت بالاصلاح ووأد المفسدين، صبرت، ولكنك لم تنل، ثم طالبت بتسريع وتيرة الاصلاح. اكدت على اخلاصك للاردن ارضا وملكا وشعبا، ورفضت الفتنة وطالبت مجددا بالاصلاح. انتظرت، وكلك امل وثقة بان الاصلاح آت لا محالة، ولكنه تأخر. خرجت مجددا في مسيرات سلمية، لانك شككت في عزم الحكومة على الاصلاح. انهالت عليك الهراوات الغليظة، بايدي اخوانك في الامن العام وقوات الدرك. تقبلت الاساءة بصدر رحب، وتفهمت دورهم في الحفاظ على امن وممتلكات وارواح اخوانك الاردنيين. سموت، وقلت في نفسك "ضرب الحبيب زبيب، بس مشان الله لا تعيدوها". اختلقت الاعذار لاخوانك في اجهزة الامن، عزوت تصرفهم الى سمو حسهم الوظيفي. عذرتهم لقيامهم بواجبهم لحماية وطنهم، الذي هو وطنك، من المندسين والمغرضين. قلت في قرارة نفسك، ربما كنت فعلت ما فعلوه لو كنت مكانهم، لدرء خطر الفتنة والفوضى عن وطني الحبيب.
توقعت بعد كل ما بدر منك، من صبر وسعة صدر، وصدق النية، وحسن المواطنة، وخالص الولاء للوطن والملك، ان تنظر اليك الحكومة بعين العطف، وتشفق عليك وتستمع الى مطالبك. فوجئت بان جهودك الاصلاحية قد تمت شيطنتها، طالبت باستئصال الفساد، فترجمت طلباتك هذه على انها نوايا انقلابية، طالبت بمحاكمة الفاسدين في الحكومة فاتهمت بطلب تغيير النظام.
انت اليوم كئيب، تشعر بالاسى والحزن لعجز الحكومة عن ادراك نواياك الاصلاحية البحتة، وتشكيكها في اخلاصك للوطن وقيادتة. انت مرتبك ومضطرب، تراقب ما يدور من حولك في البلدان العربية الشقيقة، ويقلقك ما يجري في سوريا واليمن وليبيا، ويؤلمك ما يتعرض له الأهل في الضفة الغربية وفي قطاع غزة . وتود بكل ما اوتيت ان تجنب وطنك نفس المصير الذي تعرضت له بعض هذه الدول العربية. نعم، انك تقدم الكثير، وتطلب القليل، ولكن ما يسوؤك، هو ان الاستجابة من الحكومة اقل. طلبك معقول في نظرك، فانت تريد للفساد والمفسدين رحيلا بلا عودة، وفراقا ما بعده لقاء. انت تدرك بان حال وطنك لن يصلح الا باجتثات جذور الفساد. تتساءل، هل يا ربي في طلب الاصلاح كفر او الحاد؟ أم فيه فتنة وخيانة؟ لماذا قامت الحكومة بتوجيه اصابع الاتهام الى كل كائن وكينونة، بدءا بالاخوان المسلمين، ومرورا باحزاب الظلام، الى اصحاب الاجندات المخفية، وقوى الشر، الداخلية منها والخارجية والعتبية "يعني اللي على العتبة، لا جُوّا ولا بَرّا"، في نفس الوقت الذي غفلت فيه عن اتهام ومحاكمة فاسد واحد "من العيار الثقيل" على الاقل على خلفية قضية فساد؟ لماذا تقابل جهودك الاصلاحية بخطابات حكومية تحشيدية لزرع الشك والفرقة في قلبك؟ لماذا ترفع الحكومة من وتيرة التحدي؟ لا، انت لم تطلب في يوم من الايام ان تزج في نفق معتم من النهب والاقصاء، وجهودك الاصلاحية الصادقة تستحق اكثر من ان تموه بالضباب. نعم، انت اذكى من ان يتم تعريضك لسياسات الحكومة العقيمة من تاجيل الاصلاح والاحتيال عليه. سياسات اهدافها باتت ظاهرة للعيان، ولا تنطلي على احد.
نعم، انا فخور جدا بالشعب الاردني، لانه، ومع كل ما مر به، ما زال يطالب بالاصلاح، وبطرق سلمية حضارية ، وسيحصل على مطلبه، ان شاء الله، بدون اراقة دماء وبدون هدم وبدون عنف. حمى الله مليكنا وابناء شعبنا الاردني من كل سوء، وعاش الاردن وشعبه حرا ابيا في ظل القيادة الهاشمية.