فايز شبيكات الدعجه - المجتمع ينتحر وبدأ الناس بتقتيل بعضهم البعض.اول امس قتل طالب التوجيهي اثناء مشاجره في اربد، قبلها قتيلان في معان، في البلقاء قتل اخته بمسدس لخلافات عائلية،ثم ذلك السبعيني الذي قتل ولديه واخر ذبح بناته.وجثة لفتاه في اربد.
قلما يمر اسبوع دون فجيعة مماثلة في هذا الصيف الجائر، وتكدست الملفات سريعا في محكمة الجنايات الكبرى وامتلأت السجون.
اسراف جنوني في العنف يجري الان، وبدورنا نتفرج بصمت، لا نفعل شيئا وكأننا نتابع مسلسل تراجيدي، ونكتفي بحزن مؤقت خفيف ، ولا نخّزن الحزن، قد يزول ما ان ننتهي من سماع او قراءة الخبر، ولربما نقول رحمهم الله ولا حول ولا قوة الا بالله في احسن الاحوال، لقد تأقلمنا مع هذا الروتين الاسود، ولم يعد في المسألة بالنسبة للكثيرين ما هو لافت او مثير للاهتمام.
ومن الذاكرة هذا النموذج المتكرر للاسباب الشيطانية التافهة مع اختلاف التفاصيل ، يغافل تيس صاحبه ويدخل حقل شعير لرجل آخر، ربما كان التيس قد ابتلع سنبلة واحده فقط، فتثور ثائرة صاحب الحقل، ويشتم الراعي بشتائم كثيرة سمعها اخرون، تلاها بقذيفة حجر، ليفقد الاخير اعصابه ويشعر باهانة كبرى، ولم يرقد طوال الليل ، ويعود لقتلة في اليوم التالي، ثم يعدم بعد تفرعات مفزعة للقضية، من جلوه عشائرية وتشتت اسري طال مداه لسنوات.
التوقعات مرعبة، ونحن في منتصف الصيف، وهذه الانفجارات المجتمعية القاتلة تتلاحق تباعا في دورتها الصيفية الاعتيادية، ويجري اقترافها لموقف طاريء او احتكاك عابر، ربما بسبب نظرة او كلمة، او سنبلة وتيس، لتتحول خلال دقائق الى كوارث عائلية مزمنه متمددة لها اول وليس لها اخر، يتفرع عنها جنايات لدوافع ثأرية عن سبق الاصرار والتعمد.
في المقابل اهتمام رسمي فاتر، ولجان اصطناعية بلا روح، واذا قررنا ان لا نحل المعضلة المتجددة نشكل لجنه عليا كلجنة الوزراء التي شكلت قبل عقد او يزيد بهدف الوصل الى تفسير لما يجري، ووضع علاج معقول يخفف تخفيفا ملموسا من حدة المشكلة، او على الاقل وقف نمائها، لكنها اخفقت في العثور على الحد الادني من وسائل الحل، وانهت اعمالها على عجل، وكان الوزراء منهمكون في اختصاصهم وغارقين في روتين الوزارة، وليس لديهم فائض وقت لاخماد ثورة الموت، ولا خبرات او دوافع ذاتية حاسمة تكفي لاعطاء المسألة حقها من المتابعةوالاهتمام ، ولم يفلحوا بكتابة سطر او تدوين جملة مفيده في التوصيات، وكانت بمجملها توصيات باهته، كنا نتوقع في اقل الاحوال توصية من اللجنة باخضاع الظاهرة لدراسة علمية يجريها مركز دراسات متخصص ووضع قواعد ملزمة لتنفيذ نتائجها... منذ ذلك العقد والحكومة تكتفي مثلنا بالحزن، لا شيء لديها سوى الحزن.