إن الساحتين السياسية والإعلامية في الأردن تعرفان تراجعات بعد فترة إنتعاش في السنوات الماضية .
إننا إذ ندعو الحكومة إلى فتح نقاش عمومي لوضع تصورات جديدة تنهض بالممارسة الديمقراطية والإعلامية في الأردن بما يساهم في تقدم الديمقراطية ، إشارة إلى أن «الفضاء السياسي يحتاج إلى قوى سياسية وإعلامية حرة».
إن المجالين السياسي والإعلامي أصبحا «لا يتسمان بالحيوية»؛ ما يؤثر على المسار الديمقراطي وعلى تقدم الأردن .
إن الحكومة الحالية التي يقودها الدكتور بشر الخصاونة ، لا تضع ضمن برامجها النهوض بوضعية الإعلام . من خلال أشراك مسؤولين في إدارة الملف الإعلامي ليسوا من أهل الخبرة الإعلامية في هذا المجال .
بعد مراحل مرّت بها الممارسة السياسية والإعلامية في عقود القرن الماضي، عاش الأردن فترة إنفتاح وإنتعاش ، ولكن الحياة السياسية والإعلامية دخلت مرحلة «مبهمة وغامضة» في ظل حكومة الدكتور عبدالله النسور إلى الآن ، إن هذه وضعية سلبية يضاف إليها بروز «ممارسات غريبة»، سواء من حيث منطلقاتها القيمية، التي تحترم المبادئ الأخلاقية في السياسة أو الإعلام، أو تعلق الأمر بـ«ممارسات غريبة آتية من مقاربة رسمية»، تتمثل في استعمال القوة الضاغطة بهدف إخضاع المجال السياسي والإعلامي، مما يشكل خطراً على البلاد وعلى ديمقراطيتها.
و إننا إذ نحذر من أن السياسة والإعلام «يقفان على غصن واحد»، وأن سقوط الغصن سيؤدي إلى الإطاحة بالممارستين الديمقراطية والإعلامية في الأردن .
إن ما تعيشه الصحافة اليوم هو «أسوأ سيناريو لم يتوقعه أحد». إشارة إلى أن الصحافة في الأردن كانت في السنوات الماضية وسيلة للصراع السياسي بين السياسيين والأقتصاديين، وإلى أن الأردن عاش فترة الأنتقال الديمقراطي وخلالها عاشت الصحافة فترة هشاشة قبل أن تعيش فترة إنفتاح ، فقد كان هناك اعتقاد أن هذا الوضع سيتطور، لكن وقعت «حوادث سير بين الصحافة والسلطة»، أدت إلى مشاكل عاشها الأردن نجم عنها توقيف صحف وتحجيم أخرى .
ونحذر من أن الصحافة الورقية الأردنية بتاريخها العريق باتت مهددة، حيث لا تبيع في مجملها أكثر 20 ألف نسخة يومياً.
ومع ذلك ، إن الصحافة الورقية لم تنته في العالم، و مثالاً على ذلك جريدة «لوموند» الفرنسية التي حققت رقماً قياسياً في مبيعاتها في نهاية العام الماضي بـ500 ألف نسخة، منها 400 ألف عن طريق بيع نسخ إلكترونية بالاشتراك. وأؤكد أنه لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية من دون صحافة مهنية.
وأمام هذه الوضعية، لن تنفع القوانين ولا التشريعات للحد من هذه الظاهرة، ولكن يمكن التخفيف من حدة هذه السلبيات من خلال ضمان جودة الإنتاج الإعلامي المؤسساتي المهني ، بعيداً عن وضعية قطاع الإعلام داخل الأردن ، فإن هناك تطورات عالمية مؤثرة في مجال الإعلام. إن وجود صراع عالمي بين منصات البث الرقمية، زاد أثره محلياً.
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي