التصريحات الرسمية في النوادي:
لايبعد مسجد الكالوتي المعروف في منطقة الرابية بضع دقائق عن موقع نادي الروتاري الشهير، فيما لو جرى الإنتقال بينهما قبل أو بعد ساعات الذروة.
هذا من حيث قياس المسافة على الارض ، أما لو نظرنا الى طبيعة كل منهما لمعرفة مدى التقارب أو التباعد ما بين الموقعين ، فإننا لانجد أي صلة تربط أحدهما بالآخر ، أو لربما بدى البعد بينهما مماثلا للمسافة الزمنية الفاصلة ما بين قصة النبي سليمان مع الهدهد ووعد الحكومة بالإصلاح.
فالأول مسجد يعلوه الهلال ويقع على مسافة قريبة جدا من السفارة الإسرائيلية وأصبح رمزا للمعارضة بسبب اعتياد غالبية الأحزاب السياسية اتخاذه موقعا للإعتصامات أو لإنطلاق المسيرات الهادفة الى شجب السياسة الإسرائيلية والمطالبة بالإصلاح وتعديل الدستور.
أما الثاني فهو أحد فروع نادي اجتماعي سياسي مؤسس في اميركا منذ عام 1905 ويرفع شعار المطرقة والناقوس ويضم نخبة من السياسيين و الأرستقراطيين وكبار الإقتصاديين ، وهو متهم بالسعي لتحقيق أهداف الماسونية والصهيونية العالمية .
الإختلاف الحاصل بين طبيعة المكانين أمر مفهوم ولا غرابة فيه ولكل مكان رواده ومحبيه . إلا أن وجه الإستهجان ومبعث الخطر يتحقق عندما تتخذ بعض الشخصيات الرسمية الهامة هذا النادي المبغوض لدى الكثيرين ملاذا لها في أوقات الأزمات السياسية ، ويصبح منبرا لرجالات الدولة في مخاطبة الشعب و بحث قضاياه المتعلقة بالإصلاح والتغيير .
ولعل هذا المسلك الغريب يفسر مدى الجفاء الحاصل بين عقلية وأهداف بعض الشخصيات الرسمية البارزة وبعدها عن هموم وأحلام الشعب المتحلق حول دور العبادة ، عندما يعمد رئيسا لواحدة من أكبر المؤسسات الرسمية الى اختيار نادي الروتاري لكي يمضي أمسيته في الأيام الأخيرة من شعبان مشاركا باحتفالات العيد الفضي لتأسيسه والزهو بتقلد وسامه ، في الوقت الذي يستعد فيه الناس لقيام الليل في المساجد وسط قناعة البعض منهم أن الاردن أرض الحشد والرباط وأن تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني قريب المنال ويبدأ من هنا .
والأغرب من هذا وذاك أن يعمد هذا المسؤول الكبير الى إطلاق تصريحاته من هناك ، حول آخر المستجدات على صعيد تعديل الدستور وآفاق الديموقراطية .
أنا لم اسمع بحياتي كلها خبرا يذاع بلسان شخصية رسمية من منتزه أو مقهى أو مطعم حول تعديل القانون او الدستور في بلد يمتاز أهله بطابع الجدية حتى في أوقات اللهو . فما بالك إذا كان الخبر يذاع على الملاء من ناد يصفه الكثيرون على أنه معقلا شهيرا للماسونية العالمية .
وهل نحن بحاجة الى مسؤول رسمي تؤدي أقواله أو أفعاله الى استفزاز الناس أو الإستهتار بمشاعرهم وقت غليان الشارع وغضب الجميع من قصص الفساد بوقت بات فيه المواطن يعاني الأمرين من أجل الحصول على كأس ماء نظيف يروي ظمأه .
صحيح ان ميادين التعبير عن الإحتجاج والمعارضة في المدن والقرى الاردنية تبدو شبه خالية من النشطاء فيما لو قورنت بميادين بعض الدول العربية الأخرى التي فلت فيها الزمام . إلا أن هذا الهدوء المشوب بالحذر لا يعني نهاية أسباب المعارضة أو تحقيق شيئ مقنع من مطالب الناس التي لاحصر لها والمعارضة الحقيقية لاتزال مخبأة في الصدور ولها عين واحدة مغمضة لا عينين ، بدليل استخدام غالبية المعلقين على المقالات السياسية أسماء مستعارة بهدف تضليل الأجهزة الأمنية ، كما يظهر في تعليقاتهم تطرفا أشد وأنكى مما ظهر بالشارع ولا بد أن مصلحة الحكومة والشعب معا تبقى مرتبطة بالإصلاح الحقيقي الذي يطال بالدرجة الأولى أسباب المعيشة وأسعار المأكولات وحرية الكلمة ....الخ وليس لفلفة القضايا الهامة وتجاهل قضايا الناس بحجة إصلاح الدستور .
almomanilawyers@hotmail.com