سلامة الدرعاوي - أخيراً، وبعد عامين على صدور أول قرار قضائي بالموافقة على تطبيق قانون الإعسار لصالح شركة الأسمنت الأردنية، ها هم الدائنون وكافة أطراف المعادلة ذات الصلة بإعسار الشركة يوافقون على خطة إعادة التنظيم التي أقروها في اجتماع رسمي برئاسة قاضي الإعسار نهاد الحسبان، بما يعطي دفعة قوية لإعادة الشركة إلى مسارها الاقتصادي والإنتاجي الصحيح، وأخذ دورها بشكل فاعل في المشهد الاقتصادي.
ولادة قانون الإعسار شهد حالة من المد والجزر لأكثر من أربعة أعوام تقريباً نتيجة غياب الفهم الاقتصادي الحقيقي لهذا القانون الذي يبعد الشركات عن خط التصفية والخروج من السوق، خاصة عند الدائنين، إضافة لظهور حالة من الاستقواء العمالي بين الحين والآخر بمساندة أطراف يهمها فقط تخريب المشهد وخلق القلاقل.
إجراءات الإعسار التي تمت بخصوص شركة الأسمنت الأردنية حمت حقوق الدائنين والعمال ومالكي الشركة من حملة أسهمها الذين تتجاوز أعدادهم الثلاثة آلاف مساهم.
موافقة دائني شركة الأسمنت على خطة إعادة التنظيم تعني تعزيز قدرة الشركة على استثمار موجوداتها وأصولها خاصة فيما يتعلق بأراضيها المقام عليها المصنع في منطقة الفحيص، بشكل يتناسب مع رؤية الشركة لتطوير هذه الأراضي وبما يخدم البيئة الاستثمارية في المملكة والاقتصاد الوطني.
نجاح خطة إعادة التنظيم لشركة الإسمنت يعني تثبيت التوازن ما بين حقوق جميع الأطراف ذات العلاقة بموضوع الإعسار سواء كانوا موظفي الشركة أم الدائنين أم الشركاء أم الموردين والمحافظة على الشركة كمؤسسة مستمرة تساهم في خدمة الاقتصاد الوطني.
قانون الإعسار سعى إلى حفظ حقوق الدائنين وتحسين فرص استعادة ديونهم، بالإضافة للمحافظة على العمالة في الشركة باعتبارها جزءاً مهماً من تاريخ الشركة، والتي تزيد على 300 شخص، جنباً إلى جنب مع منح الشركة الفرصة بالاستمرارية والتشغيل وتحسين عوائدها لتستطيع تسديد التزاماتها والاستمرار برفد السوق المحلية بالمنتجات المتميزة وزيادة القيمة المضافة لوسائل الإنتاج.
إن أهم ميزة في قانون الإعسار هي تجنيب الشركة الذهاب إلى التصفية الإجبارية كون التصفية هي الخيار الأسوأ، لأن القانون يؤدي إلى المحافظة على الشركة كمؤسسة اقتصادية تساهم في رفد الاقتصاد بالإنتاجية، خاصة وأن الشركة لها سجل حافل وعريق منذ الخمسينيات.
نجاح إعسار شركة الأسمنت الأردنية سيفتح باباً لطلبات للشركات المماثلة والتي تعاني من أوضاع مالية صعبة نتيجة أسباب مختلفة، والبيئة اليوم باتت مهيأة من حيث الفهم القانوني لاحتياجات بيئية الأعمال لمثل هذا القانون الحيوي الذي يعطي فرص الحياة الأخيرة للشركات المتعثرة التي تجاوزت خسائرها رأسمالها ولم تعد قادرة على الاستمرار الإنتاجي عوضاً عن تصفيتها وخروجها نهائياً من المشهد الاقتصادي.
الموافقة على خطة إعادة التنظيم لشركة الأسمنت الأردنية من قبل دائنيها يعني أن الشركة فعلاً تمتلك فرصة كبيرة لإعادة حضورها الاقتصادي سواء من خلال الإنتاج أو الاستثمار لما تملك من أصول مختلفة لها.
تنفيذ قانون الإعسار بالشكل الصحيح القانوني يساهم فعلاً في إعادة حيوية بيئة الأعمال، ويخلق مرونة عالية في الاقتصاد في الحفاظ على الاستثمار والمستثمرين وعدم خروجهم من المملكة، وسيكون هناك مشهد متكرر لما حدث بالإسمنت مع مرور الأيام، فهناك حالات مشابهة لشركات قد تلجأ هي الأخرى لقانون الإعسار.