سيتأثر سكان الكرة الأرضية بمثلث رُعب قادم سيؤدي إلى نتيجة لن نستطيع السيطرة عليها إذا لم ندق ناقوس الخطر منذ هذه اللحظة, رؤوس هذا المثلث هي: النمو السكاني - الجفاف - التغير المناخي, وكل منها يؤدي إلى نقص بالغذاء وبالتالي حدوث ما يسمى بالمجاعة , والتي تُهدد رُبع سكان العالم خلال العقد القادم. لنبدأ بتحليل رؤوس هذا المُثلث وتأثيرها على أمن الغذاء العالمي ومن ثم إيجاد حلول مقترحة : أولاً: النمو السكاني - هو ذلك الخطر المُرعب الذي يهدد دول العالم الثالث ودول الإقتصادات الناشئة, فمن المتوقع أن يصل سكان العالم في الربع الأخير من عام 2022 إلى 8 مليارات نسمة , وسيصل إلى حوالي 8.5 مليار في عام 2030 و 9.7 مليار في عام 2050, وفي دراسات تحليلية تقول أن معدل عمر الإنسان سيزيد 10 أعوام عند دخولنا الثورة الصناعية الخامسة مما يشكل عبئاً بزيادة الكهولة , وبالمحصلة النهائية نقص في الغذاء العالمي. ثانياً: الجفاف - لقد تعرضت أوروبا إلى إرتفاع كبير بدرجات الحرارة أدى إلى تراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى في القارة وقلة الأمطار وإختفاء تدريجي للون الأخضر الذي كان يكسي القارة , أما في الولايات المتحدة فقد تأثرت المناطق الجنوبية الغربية بالجفاف لنفس النتيجة, وكذلك الأمر لبقية قارات العالم وللوطن العربي, وفي اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر حذرت الأمم المتحدة من أنه في عام 2050 سيجد ثلاثة أرباع سكان العالم نفسهم تحت رحمة الجفاف , وبالمحصلة النهائية نقص في الإنتاج العالمي للغذاء. ثالثاً: التغير المناخي - إن التغير المناخي في الفترة القادمة على سطح الكرة الأرضية سيغير من طبيعة الأراضي الزراعية , حيث ستختفي مساحات زراعية كبيرة كانت تُنتج ملايين الأطنان من المحاصيل الزراعية الغذائية, وسيصبح الجزء الآخر أقل إنتاجية وبالمحصلة النهائية نقص في الإنتاج العالمي للغذاء.
لتجنب النقص في الغذاء العالمي للفترة القادمة وما سيؤدي به إلى مجاعة عالمية ,يدفعنا للبحث عن الحلول الممكنة لتأمين الغذاء الكافي للفترة المقبلة من خلال: 1) إيقاف الحروب لأنها تقضي على بعض من المساحات الزراعية وتهجير وتشريد من يعملون فيها . 2) الحد من حرائق الغابات والأراضي الزراعية وتقليل الخسائر الناجمة عنها وذلك بالوقاية اللازمة وسرعة الإستجابة لمكافحتها , كل ذلك يتم بإستخدام التكنولوجيا الأمنية والمعدات الحديثة . 3) معالجة الإحتباس الحراري الذي يؤدي إلى التغير المناخي وهوالعدو الأول للزراعة . 4) تحقيق أهداف التنمية المستدامة في خطط الحكومات القادمة للفترة المقبلة. 5) تقليل الهجرة إلى المدن وذلك بتوفير جميع متطلبات القرى والمناطق النائية من خدمات وبُنى تحتية ومشاريع إستثمارية في مجال الإنتاج الغذائي لضمان عدم هجرة من يعملون بالزراعة والثروة الحيوانية والتصنيع الغذائي للمحافظة على إنتاجهم . 6) إنتاج أصناف من البذور تتكيف مع التغير المناخي من مقاومة للجفاف ولإرتفاع الحرارة وللآفات الزراعية وذلك بدعم الأبحاث العلمية ومشاركة المختصين والعلماء في هذا المجال , وإنتاج كميات كبيرة منها وعمل بنوك للبذور بتخزين مناسب. 7) إنشاء مختبرات زراعية ريادية تحاكي مراحل الزراعة بظروفها المختلفة الجديدة لعمل التحسينات التي تساعد الإبتكار وزيادة الإنتاج . 8) التركيز على التُربة والعمل على تهيأتها لإنجاح الزراعة من تزويدها بعناصر عضوية باستخدام التكنولوجيا . 9) البحث عن مناطق زراعية جديدة وإستصلاحها وإستخدام ما يناسبها من أنماط الزراعة المتنوعة والتوزيع الجغرافي السكاني المناسب لسهولة وصول الأيدي العاملة اليها. 10) إجراء الأبحاث اللازمة داخل المختبرات على مكافحة الآفات الزراعية من حشرات وأمراض فطرية وأنواع بكتيريا تتكاثر عند إرتفاع الحرارة المتزايد. 11) تأمين سلاسل الإمداد المحلية والعالمية الآمنة وضمن المعايير الدولية. 12) بناء وتأهيل مخازن ومستودعات تخزين المواد الغذائية والمنتجات الزراعية للحفاظ على المخزون الإستراتيجي بالكمية والنوعية المطلوبة وديمومة وصولها للمستهلك ومراكز التوزيع في جميع الظروف وخصوصاً الصعبة منها. 13) نقل التكنولوجيا الزراعية والتصنيع الغذائي لدول العالم الثالث والإستفادة من الأبحاث والنشرات العالمية, وعقد المؤتمرات المحلية والعالمية للمختصين والعلماء في هذا المجال , وإعداد بيانات رقمية لسهولة الرجوع لها. 14) إدخال مادة دراسية لطلبة المدارس تحت مسمى الإرشاد الزراعي والغذائي والمائي , لتعليم الأجيال القادمة التقنين وعدم الإسراف بالطعام والماء, وتعليمهم مبادىء الزراعة والتخزين وحفظ الأغذية والمحافظة عليهم من الهدر, وكيفية التخلي عن بعض العادات الإجتماعية المسرفة بذلك. 15) زيادة عدد الخبراء والفنيين المختصين بالزراعة وتأهيلهم عن طريق المعاهد والجامعات بإستحداث تخصصات جديدة تُعنى بذلك, وعقد دورات متخصصة في هذا المجال, إضافة تاهيل المزارعين من خلال خدمات التعليم الزراعي والمهني. 16) إستخدام الزراعة الذكية التي تضمن التقنين بالماء وزيادة الإنتاج بتكلفة أقل من خلال توفير الزمن والجهد البشري. 17) تشجيع الإستثمار بالزراعة والتصنيع الغذائي وإعفاء المزارعين والمستثمرين من الضرائب المترتبة على مستلزماتها وتوفير الأراضي الصالحة للزراعة لهم والبُنى التحتية وإزالة المعيقات. 18) توفير مصادر مياه صالحة للزراعة من( مياه جوفية, تخزين مياه الأمطار من سدود وحفائر,وإعادة تدوير المياه وتحليتها,....). 19) العمل على إنشاء صندوق محلي وإقليمي للطوارىء , لتمويل زراعة المحاصيل الزراعية الإستراتيجية والتربية الحيوانية والسمكية , إضافة إلى تأسيس جمعيات تعاونية وإتحادات زراعية. 20) وضع معايير رقابية للجودة ومختبرات ذات تقنية حديثة للفحص والتحليل. 21) دعم أسعار الطاقة وتشجيع الطاقة البديلة وتوفيرها بالسعر المناسب لجميع مدخلات الإنتاج الغذائي. 22) إستخدام الزراعة العمودية والتي تقلل من حاجة النباتات للماء والتربة وضوء الشمس وإستبدالها بتكنولوجيا توصل العناصر الغذائية وإضاءة إصطناعية تحفز التمثيل الكلوروفيلي. 23) إستخدام الزراعة المحمية مثل البيوت الزجاجية والبلاستيكية وداخل المباني والأنفاق خصوصاً في المناطق الحارة والباردة , بحيث يتم التحكم بالإضاءة ودرجة الحرارة والرطوبة عن طريق التكنولوجيا الذكية. 24) التوعية المحلية من مخاطر الزيادة السكانية وتحديد النسل وتباعد فترات الحمل وعمل حوافز تساعد على الحد من الإنجاب الغير مدروس.
في النهاية يجب تظافر جميع دول العالم وخصوصاً الدول العربية بالفهم العميق لما سيعانيه العالم في المستقبل القريب من نقص في الغذاء لتجنب حدوث ما لا يحمد عقباه.
م.مهند عباس حدادين
رئيس مجلس إدارة شركةJOBKINS الأمريكية
مستشار لدى مجموعةDDL- CDAG الأمريكية
mhaddadin@jobkins.com