انقضى عام 2009 والمعنون "القدس عاصمة الثقافة العربية"،حيث سارعت الدول العربية حكومات ومؤسسات أهلية وأحزاب على اختلاف انتماءاتها السياسية ومعتقداتها الدينية للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة منذ الافتتاح ..الى حفل الختام ،وما كان بينهما حدث ولا حرج،فكان حقا عاما ناجحا بكل المقاييس اذا كان الهدف منه فقط اعلان مظاهر الاحتفال.
اما عام 2010 الذي نعيشه فهو عام حاسم ومصيري للاقصى كما صرح الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب في اكثر من مناسبة، فقد بدأ الاحتلال باعادة بناء كنيس قريب من حائط البراق ، ليفتتح هذا الكنيس بتاريخ 16/3/2010 م ، ويدعى بكنيس" الخراب"،كأحد المعالم البارزة جدا والمرتفعة في البلدة القديمة، ويعد أكبر كنيس يهودي بارز ، ويتألف من أربعة طبقات، ويتميز بشكله الضخم وقبته المرتفعة جدا التي تقارب ارتفاع كنيسة القيامة وتغطي على قبة المصلى القبلي داخل المسجد الأقصى ،ويرتبط بناء هذا الكنيس بمعتقدات لدى الجماعات الدينية وبعض السياسيين ببداية بناء الهيكل الأسطوري المزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك ،مما يؤكد المخاوف بان عام 2010 هو عام مصيري للاقصى ،وعندما يذكر كنيس "الخراب " لا بد ان نشيد ببطولة الجيش الاردني ودوره في الدفاع عن المقدسات والقدس وخاصة قبلة العشاق الاقصى المبارك،والذي تقدم لاجله الارواح قرابين حب رخيصة علها تحظى بصلاة ركعتين في محرابه الشريف، ففي 25/5/1948عندما حاصر الجيش الأردني بقيادة عبدالله التل مجموعة من قوات الهاجانا الصهيونية في كنيس "الخراب "، واستغل حينها الصهاينة كعادتهم الكنيس كمعسكر حربي ورفضت قوات الهاجانا الخروج منه ، أعطى عبد الله التل في 26/5/1948قوات الهاجانا مهلة 12 ساعة للخروج وإلا يقصف الكنيس، وبالفعل تم هدم الكنيس في اليوم التالي حتى لا يظل ذريعة لعصابات الهاجانا بالتمركز فيه واعتباره معسكرا بدلا من دار عبادة.
ونعود الى عام 2010 فقد تزامنت شدة التهديد للاقصى مع سياسة التطهير العرقي لمدينة القدس ،وهدم البيوت واستمرار الحفريات والانفاق في محيط الاقصى والمناطق المجاورة له ،ليصبح الاقصى معلقا في الهواء،آيلا للسقوط في أي هزة ارضية طبيعية او مصطنعة.
أمام كل هذه التهديدات للاقصى ،وأمام الحملة المسعورة لتفريغ القدس من اهلها ،وأمام ارتفاع وتيرة مطالبات المتدينين والحاخامات بتقسيم الاقصى وبالقوة،وامام اعتقال وابعاد كل من يدق ناقوس الخطر في محاولة فاشلة من الكيان الصهيوني لاسكات صوت الحق والتكتيم على جرائمه،وليس آخرها اعتقال حارس الاقصى الشيخ رائد صلاح وتقديمه للمحاكمة،وامام ثبات المرابطين في الاقصى فهم خط الدفاع الاول من حباهم الله بهذا الشرف ،وأمام بطولة المرأة المقدسية،التي تأبى الا ان تدفن في أكناف الاقصى،ليكون اسمى ما ترجوه ان يضمها ثرى الاقصى المبارك ،و أمام انتهاك حرمة الاقصى حيث مسرى الرسول محمد (ص) ،وأمام تدنيس ترابه الطاهر فلا يوجد بقعة الا وكانت موطىء قدم نبي بل وموضع جبهة نبي اورسول ،ليصبح الاقصى مرتعا للرذيلة وممارسة الفاحشة،أمام كل ما سبق ، أين نقف نحن في عام 2010؟ وأين يقف العرب والمسلمون ؟
واسمحوا لي هنا ان استعير الاجابة من أقوال الشيخ رائد صلاح :
"المسلمون والعرب لم يرتقوا حتى الآن الى مستوى الحدث ولكنهم يملكون أوراق كثيرة من شأنها أن تمنحهم قوة ضغط مؤثرة على الإحتلال الإسرائيلي" ،وأضاف الشيخ رائد صلاح :" أنا أتعجب ولا زلت أتعجب، ولا زلت أتساءل، هذا العالم الإسلامي والعربي، الذي يملك هذه الأوراق، لماذا لا يستخدمها حتى الآن ؟! أنا شخصياً لا أجد جواباً