سميح المعايطة - حكاية التنمية والخدمات والبنية التحتية في الأردن وصلت الى مرحلة تحتاج معها الى مخطط شمولي للخدمات والبنية التحتية التي تحتاج الى عمل وتمويل.
قبل ثلاثين أو اربعين عاما وربما اكثر كانت هناك بنية تحتية وخدمات تم بناؤها وما نزال نراها حتى اليوم في كل المجالات، لكن الأردن دخل منذ عام 1990 موجات من الطفرات السكانية بعودة مئات آلاف الأردنيين وقدوم مئات الوف بل ملايين من الأشقاء من العراق وسورية عبر عشرين عاما، ودخلت الدولة في سلسلة من المشكلات الاقتصادية التي انعكست سلبيا في المحافظة على البنية التحتية والخدمات.
اليوم لدينا مجالس محافظات لكنها تشكو قلة الموارد واشياء اخرى، ولدينا بلديات تشكو الديون ولا تكاد معظمها تستطيع دفع الرواتب، ولدينا موازنة الحكومة التي تعاني وينعكس هذا في تطوير البنية التحتية والخدمات التي تقدم للأردنيين، ولدينا ايضا الزيادات السكانية غير المتوقعة اضافة الى انسحاب العالم من مسؤولياته في ملف مهم مثل ملف اللاجئين واكبرهم الأشقاء السوريون.
اينما وجدت مسؤولا في مجال الخدمات فإنه يشكو من قلة الموارد، والمؤسسات التي يجب ان تفكر بحلول خدماتية او بنية تحتية تعاني من اوضاع مالية صعبة، وبعض هذه المؤسسات فقدت قيمتها الخدماتية مثل اللامركزية او مجالس المحافظات وحتى العديد من البلديات.
وللانصاف فإنه رغم الظرف الصعب للموازنة العامة فإن هناك مشاريع مهمة تمت على صعيد البنية التحتية وخاصة من المنحة الخليجية ومساعدات دولية اخرى، لكن هذا لا يلغي الحاجة الى ان تمتلك الحكومة خريطة واضحة لكل ما يحتاج الى صيانة أو إعادة انشاء او بناء او توسيع في مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم وكل المجالات لأن ترك هذه القطاعات لسنوات دون عمل يزيد من كلف الترميم او اعادة البناء ويزيد من معاناة الأردنيين.
وما دمنا في إطار الخدمات والبنية التحتية فإن عمل وصلاحيات وتفاصيل عمل مجالس المحافظات تحتاج الى مراجعة لأن أصل الفكرة تحقيق اللامركزية التنموية لكن واقع العمل اليوم لا يحقق هذا الهدف ويحول هذه المجالس الى هياكل خدماتية ضعيفة التأثير، بل ان بعضها حين تسمع من بعض أعضائها لديه مشكلة في المقر والخدمات الاساسية وخاصة بعد تغيير مرجعيتها وفق القانون الجديد.
الرؤية التي تدير بها الدولة ملف التنمية والخدمات والبنية التحتية تحتاج الى مراجعة وتغيير جزء من منهجية العمل لان تراكم الضعف يراكم مشكلات اخرى ويزيد من كلف الحلول عند توفر الظروف للحل.
نعلم ان الظروف المالية ليست سهلة لكن هذا الملف اولوية كبرى لانه يشمل كل مجالات حياة المواطن بل هو المسار العام لنشاطات الدولة.