الشعب يريد صوم رمضان
يوميات مواطن صائم
بداية كل عام وأنتم بألف خير رمضان كريم.
أعلنت الحكومة الموقرة منذ أيام بأن مخزون المملكة للمواد التموينية يكفي لمدة ستة أشهر ولا يوجد نية لرفع الأسعار ولا الاحتكار ولا صرف الدينار ولكن تعود المواطن بأن يتسوق لرمضان وخصوصاً باليوم الأخير فأصبحت المحلات تعج بالناس باحثة عن الأضواء ومحطات الوقود اكتظت بالمركبات لدرجة أنك تشعر بأن الحرب قامت وخصوصاً أن الراتب الشهري اليتيم كان جاهزاً.
ما أن أعلن عن بداية شهر رمضان سوف يكون غداً إن شاء الله تدافعت الناس من كل صوب وحد أطلقت العنان لمركباتها لتحدث أزمات خانقة بأغلب الشوارع وبعض التجار كشر عن أنيابه معلناً رفع الأسعار يقيناً منه بأن المواطن الملهوف لن يتردد عن شراء أي سلعة مهما كانت مرتفعة سعرها ولو دققت عزيزي المواطن بالتاريخ الموجود على السلعة لتفاجئ بأن التاريخ قديم وخصوصاً التمور وقمر الدين وغيرها من سلع رمضان فرمضان بالنسبة للبعض شهر تبذير لا شهر توفير.
اليوم الأول من شهر رمضان يصحو المواطن بعد سحور دسم تناول فيه كل ما لذ وطاب يترنح بالفراش غير قادر على غسل وجهه أو حلاقة ذقنه ليطلق العنان لذقنه معلناً للملأ بأنه صائم وأصبح الآن جاهزاً للانطلاق وأول ما يشاهد بنت الجيران التي كان يجاملها طوال العام من مجرد مشاهدته وجهها يقول بصوت خافت (اللهم إني صائم ) يصل لعمله غير قادر على فتح باب مكتبه يصرخ بصوت مرتفع المكتب بحاجة إلى تنظيف وين أبو زفت،،، اللهم إني صائم ،،، يبدأ المراجعين بالتقدم وبكشرة غير معهودة يصرخ بوجه الجميع ،،،يعني
اليوم بالتحديد ،،،حليت بعينهم أول يوم رمضان تركوا كل السنة،،، وتبدأ الآن مراسم حل الكلمات المتقاطعة وقراءة الجريدة الصباحية ويبدأ بالتثاؤب ويقول مطول الدوام اليوم أخ على فنجان قهوة وسيجارة ويبدأ برنامج الطبخ على الهاتف شو الأكل اليوم وشو عملتي وماذا أجلب من السوق لحين صلاة الظهر معلناً انتهاء الدوام الرسمي بعد غفوة رائعة بعد الصلاة.
يصحو من النوم بعيون جاحظية يبحث عن مفتاح السيارة مودعا أصدقائه مع دعوتهم على الفطور بمنزله مع القسم ألف مرة أمانة وعشاني وعلي الطلاق وبحياة اسحق.
يمتطي الشبح عفواً الكيا سيفيا معلناً الرالي السريع للسوق والهاتف الخلوي المجاني على أذنه مع الليدي أم عفاش بالطبع لا أخفيكم بأن الأزمة الخانقة منعتني من السرعة ويمين وشمال (والجميع يريد أن يصل لينام ) وهذا يقذفني بحجر وذاك ينعتني بالحمار لأني أستخدم الهاتف وبكل فخر وتواضع أقول له ( اللهم إني صائم ) وبالطبع تموت ألف موته لاصطفاف الشبح خاصتي لم أجد مكان قريب على أي حال المشي رياضة وصلت الآن لبائع القطايف النصاّب ثمنه بالشيء الفلاني بحجة الحليب والسكر الخ الخ الخ.
التجار قرروا رفع الأسعار يقيناً منهم بأن المواطن عظامه من ذهب وبأنه يحمل من الموبايلات ثلاثة أجهزة بدون رصيد ورمضان يجعل بعض الصائمين يشتهون الأطعمة التي لم تخطر ببالهم الأيام العادية وبصدق أستطيع القول بأن ثلث الراتب الشهري طار مني.
وبعد هروبي من السوق من منظر بعض التجار الذين يودون افتراسي مع سبق الأسعار والترصد والتوعد والترقب.
وصلت المركبة وكان يملؤها الغبار وعلى ظهرها بسطة بندورة وخيار فقلت ( اللهم إني صائم ) قبلت يده حتى يرضى البائع إزالتهم ليتسنى لي الذهاب للمنزل وصلت قبل صلاة العصر وبدأت بتنزيل الأغراض مع مساعدة الأولاد وما أن وصلت للمنزل أطلت علي الليدي أم عفاش وقالت أبو عفاش صايم السنة وإلا مثل السنة الماضية بتعصب قبل الأذان بساعتين قلت لها والله صائم والحمد لله وين سجادة الصلاة والدشداش القديم وبالطبع أهلها اليوم مدعوين على الإفطار بدون علمي وما أن أنهيت صلاة العصر حاولت الاسترخاء للنوم بدأت أشاهد الملاعق والكفاكير والطناجر تتطاير وصوت أم عفاش تصرخ بوجه الأولاد وأصوات الأطباق بلحن منفرد.
بالطبع الأصناف المقدمة ككل عام الأرض مليئة بالجرائد ثلاثين صحن شوربة شعيرية خمسة عشر صحن زيتون لونين طرشي مع مخلل خيار خبز بجميع الأماكن رز نزعين خمسة عشرة دجاجة ولبن وسلطة وماء وخروب وتمر هندي والله يوخذ المرأة اللي عندي.
بالطبع أولادهم كل عام يزيدوا ولا ينقصوا وشيطنتهم تزيد مع ألعاب نارية ومفرقعات تطلق قبل وبعد الفطور وبعد تناول الوجبة السريعة أفضل طريقة للهروب إلى الجامع لحين إنهاء صلاة التراويح وأعود وتكون أم عفاش قد حضرت القطائف الشهية نتابع مسلسلات رمضان المملة وككل عام ونفس الأسماء فقط يتغير الأجزاء وتبدأ أم عفاش بالزمجرة شو بدنا نوكل على السحور روتين قاتل نفس الناس والوجوه والطعام والجيران وبالطبع أنا ككل مواطن سعيد بهذا الشهر الفضيل وخصوصاً بأن المدرسة ستباشر أعمالها بعد عطلة عيد الفطر السعيد.
ومن هنا أعلن بأني برسم البيع قبل ثياب العيد والدفاتر والكتب والمعمول والحلو والملبس والعيديات
هاشم برجاق
الموقع الرسمي للكاتب
www.hashem.jordanforum.net