زاد الاردن الاخباري -
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أن روسيا تضخ من النفط في السوق العالمية ما يقرب من نفس القدر الذي كانت تضخه قبل غزوها لأوكرانيا، وأنها تجني عائدات "أكثر من أي وقت مضى" بسبب ارتفاع أسعار النفط.
وأشار تقرير للصحيفة أنه رغم العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا ومحاولة شل اقتصادها، فإن الطلب على النفط من بعض أكبر الاقتصادات في العالم، أعطى للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليد العليا في معركة الطاقة.
وعلق المشترون الغربيون والمقرضون الأوروبيون الذين يمولون أسواق السلع الأساسية العمل مع روسيا، ما أدى إلى توقعات بانخفاض الصادرات الروسية اليومية بما يصل إلى ثلاثة ملايين برميل.
لكن في المقابل، كثفت الصين وتركيا ودول الشرق الأوسط مشترياتها بسرعة، مستفيدة من الأسعار المخفضة وفتح طرق تجارية جديدة مربحة للخام الروسي.
ويقوم البعض بتكرير النفط الروسي وتحقيق أرباح من تصديره إلى الغرب مثل البنزين والديزل.
ونقلت الصحيفة عن الخبيرة الاقتصادية في معهد التمويل الدولي، إلينا ريباكوفا، أن "روسيا جنت 97 مليار دولار من مبيعات النفط والغاز حتى يوليو الماضي، منها 74 مليار دولار من النفط".
وصدرت البلاد 7.4 مليون برميل من الخام ومنتجات مثل الديزل والبنزين يوميا في يوليو، بحسب وكالة الطاقة الدولية بانخفاض نحو 600 ألف برميل فقط يوميا منذ بداية العام.
وعلى الرغم من أن العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة خفضت وارداتها من النفط الروسي، فقد ازدهرت مبيعات الطاقة الروسية من خلال إيجاد مشترين وتجار وسائل دفع جديدة كان أغلبهم من دول في آسيا والشرق الأوسط، مما ساعد موسكو في الحفاظ على مستويات تصدير النفط لديها.
وحتى مع تراجع صادرات النفط، حققت روسيا متوسط مبيعات شهرية بقيمة 20 مليار دولار هذا العام مقارنة بمتوسط 14.6 مليار دولار شهريا في عام 2021، عندما كانت الاقتصادات تتعافى من الانهيار بسبب جائحة كورونا.
وأظهرت بيانات من شركة "فورتيكسا" لتتبع السفن أن الشحنات كانت ترتفع مرة أخرى في أغسطس.
وبعد أن تجاوزت أسعار النفط 130 دولارا للبرميل في الأسابيع الأولى من الحرب، استقرت حول مئة دولار في الأسابيع الأخيرة.
عبر السعودية والإمارات
وتقول الصحيفة إن شحنات من صادرات زيت الوقود الروسي، وهو نسخة مكررة قليلا من الخام، تتجه الآن إلى السعودية والإمارات، وغالبا ما تتوقف في مصر في طريقها، وهي دول رفضت الانحياز لأي طرف في الصراع.
وتضيف أنه "يتم حرق النفط الروسي إما في محطات الطاقة السعودية أو تصديره من ميناء الفجيرة، في الإمارات العربية المتحدة، حيث يتم مزج الزيوت الروسية بالإيرانية لإخفاء مصدرها"، بعد شرائه بسعر مخفض في الأساس من موسكو ثم بيعه بأسعار السوق.
يضاف النفط الروسي في النهاية إلى سوق النفط العالمية، ما يساعد على كبح الأسعار، كما يعزز فيه بوتين علاقاته مع الشرق الأوسط، والذي يستغل عدم التناغم بين إدارة بايدن والسعودية حاليا.
وقاومت الرياض، التي انضمت إلى موسكو في تكتل يعرف باسم أوبك بلس، الضغط الأميركي لضخ مزيد من الخام، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وساعد روسيا خلال الأشهر التي كان يتم فيها تداول نفطها بخصم كبير.
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان قال الأسبوع الماضي إن أوبك قد تخفض إنتاج النفط بعد تقلبات أسعار النفط وانخفاضها في الأسابيع الأخيرة، رافضا ضغوطا أميركية لفتح الصنبور.
أما العقوبات الغربية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام المالي لعدم السماح بتدفق مدفوعات النفط لروسيا، فإن ذلك لا يشمل الدول التي لا تفرض عقوبات على موسكو.
ونقلت بعض الشركات العاملة في سوق النفط، موظفين تابعين لها، إلى دبي وسنغافورة لتجنب عقوبات الاتحاد الأوروبي قصيرة العمر بشأن التعامل مع شركات نفط روسية مثل "روسنفت".
وتقول الصحيفة إنه "للمساعدة في إخفاء الحلول البديلة لتجارة النفط، أنهت موسكو التحديثات الشهرية المتعلقة بإنتاج النفط والبيانات الأخرى، مما يجعل من الصعب قياس النشاط"، مضيفة أنه "في كثير من الأحيان، لم تعد وثائق الموانئ الروسية توضح تفاصيل اتجاه نفط البلاد ومن يقوم بشحنه"، وفقا للتجار.
ويقوم الوسطاء بنقل النفط الروسي من سفينة إلى أخرى أثناء وجوده في البحر، وهي مناورة مكلفة تخفي مصدرها لتجنب العقوبات.
وتشير الصحيفة إلى أنه يتم تخزين زيت الوقود الإيراني والفنزويلي والآن الروسي في المركز التجاري لميناء الفجيرة في الإمارات، "ويتم إخفاءه عمدا"، وفقا لتجار النفط.
وأصبحت الهند الآن أفضل عميل لروسيا، حيث رفعت الشركات هناك، بموجب أوامر حكومية، وارداتها من النفط الروسي شبه الصفرية إلى ما يقرب من مليون برميل يوميا في غضون أسابيع من غزو أوكرانيا.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن إيفجيني غريبوف، الذي استقال في مارس من منصبه كمسؤول تنفيذي في شركة "لوك أويل"، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا، "سيجد النفط الروسي طريقه الجديد إلى الهند والصين والأسواق الأخرى"، مضيفا أنه "حتى بيعه بسعر مخفض فهو أكثر من كاف لمواصلة تأجيج الحرب".
ويرى محللون ومسؤولون تنفيذيون حاليون وسابقون في مجال الطاقة، أن روسيا ستكافح على المدى الطويل لتبقى مورد نفط من الدرجة الأولى، لأنها قد تواجه الكثير من العقبات في المستقبل القريب.
اختبار الشتاء
ومن المقرر، أن يختبر الشتاء عزم موسكو وخصومها، حيث أنه من المقرر أن يفرض الاتحاد الأوروبي، في الخامس من سبتمبر، تدريجيا حظرا على النفط الروسي وحظرا عقابيا محتملا على تأمين وتمويل شحنات النفط الروسية.
وإذا تم فرض هذه العقوبات، وهو أمر يشكك فيه بعض التجار والمحللين، فإن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تصعيد كبير للجهود لإعاقة الاقتصاد الروسي.
وحتى الآن، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها، قد تجنبوا إلى حد كبير، فرض مثل هذه القيود لتجنب زيادة أسعار الطاقة.
وقال المحلل في مجموعة سيتي، أركادي جيفوركيانن إن روسيا قد تكافح للعثور على مشترين جدد لحوالي 1.25 مليون برميل من صادرات النفط الخام والوقود التي تتجه حاليا إلى أوروبا كل يوم.
وأشارت المحللة في "إنيرجي أسبكتس"، ليفيا جالاراتي، إلى أن إنتاج روسيا اليومي من الخام والوقود المرتبط به المعروف باسم المكثفات قد ينخفض بنحو مليوني برميل بحلول مارس من العام المقبل.