كل العرب؛ يحتفلون بالأعراس بطرق مختلفة، لكنها تتمتع بنفس المضامين الاجتماعية، التي تعزز الروابط الاجتماعية ومعاني التكافل والتراحم، وكل شخص منا لديه قصة او أكثر عن فرح الناس المحيطين به، وقد عاش شخصيا حالات فرح ولمس معاني التكافل والتعاون وحب الخير للمتزوجين وذويهم.
أمس الأول، لمسنا كل هذه المعاني في المجتمع الأردني، لكن بطريقة حداثوية، تؤكد بأن شبابنا الأردني معبأ بقيم الخير والفضيلة والشعور مع الآخرين، فالذي حدث في افتتاح مطعم سهول سحاب، يعبر عن الهمة الأردنية الجميلة التي لا تتغير مهما تغيرت الادوات والتسميات، حيث اجتمع شباب ومواطنون من سحاب ومن كل الاردن، ليحضروا افتتاح مطعم سهول سحاب، وقدموا دعما اجتماعيا ومعنويا أردنيا أصيلا وبطريقة فريدة من نوعها، تؤكد رقي تفكير الاردنيين، وهي صورة شبيهة بما يحدث في أعراسنا، حيث يدعو صاحب الفرح أقاربه وأصدقاءه لحضور الفرح، و(يقريهم) بالمناسف وغيرها، ويقدم المدعوون الموسرون دعما ماليا او عينيا لمساعدة العريس في تكاليف فرحه، ويعتبرونه واجبا عليهم، ومن العيب ان لا يقدموا هذا الدعم البسيط ان كانوا مقتدرين، وهذا عرف جميل، لكننا ربما أصبحنا نتأفف منه نظرا لكثرة الناس ومناسباتهم، وحيود تفكير بعضهم حين يشعر بالخجل والضيق إن هو لم يقدم هدية او نقوطا مناسبا، ويعتبر نفسه يسد دينا في رقبته، الامر الذي أصبح يرهق الناس ماليا، ويجعلنا نطالب بالتخفيف على بعضنا والاكتفاء بالمباركة عن بعد وفي اضيق الحدود.
ابنة صاحب المطعم الجديد، ادركت ان والدها خسر كثيرا ليفتتح مطعم شاورما «حسب علمي»، وان البداية ستكون صعبة، ومن دون سابق تخطيط حاولت البنت مساعدة والدها، بان يكون عدد المدعوين كبيرا، يشترون «سندويتشات الشاورما»، وبهذا تكون قد روجت للمطعم الجديد عند اوسع شريحة ممكنة، وأيضا جعلت يوم الافتتاح مميزا بكثرة الزبائن الذين يشترون الشاورما.. وكأن صاحب المطعم أقام حفلا او عرسا، وأولم للضيوف وقاموا بدفع النقوط او الواجب، وهو ثمن «سندويتشة» الشاورما.. ولم يتم احراج أحد، وعاش الجميع ساعة فرح، وأكثر المستفيدين هو المجتمع الأردني وشعبه الطيب، حيث عبرت هذه الصورة من التضامن والتعاون والمشاركة الوجدانية، عبرت بأنصع صورة عن نقاء نفوس الاردنيين ورقي تفكيرهم وأخلاقهم في تلبية دعوة الأردنيين، ومحاولة دعمهم بالطرق الأخلاقية التي تبعث الاعتزاز بنفس كل اردني حضر او لم يحضر هذه المناسبة، حيث حضرها آلاف من الناس على سبيل «الفزعة»، ورسموا بحضورهم الفرحة على وجه وفي قلب صاحب المطعم وذويه.
سحاب.. تسحبنا لفعل الخير سحبا، وإنني على يقين بان الله سبحانه، وهو رب المحبة والرحمة ورب القلوب، سيجزي بالخير كل من شارك في هذا العرس الأردني الجميل، حيث لا يدرك كثير من المرجفين بان الأردن بلد خير وبركة، ومواطنيه هم خيرة الناس وخيرة الخيرة من العرب والناس.. فما زالوا يتعاونون على الخير والفضيلة وينبذون الشر والقسوة، وهذه واحدة من الركائز الأخلاقية للمدرسة الأردنية التي اكتملت زينتها بأخلاق الهاشمية العطرة.
طوبى للأردنيين ولأهل النخوة وللخير وفاعليه.