كنت أتمنّى لو وافقت محكمة أمن الدولة على تكفيل الزميل موفق محادين و د.سفيان التلّ على الفور، وتمنيت ذلك فعلا على مدّعي عام محكمة أمن الدولة عقب الانتهاء من أخذ افادتي ، لكن مع الأسف تم "تأجيل" النظر في تكفيلهما إلى نهاية الأسبوع المقبل!
كنت قد ظهرت مع الزميل موفق محادين في برنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة لمناقشة البيان الموقع من 78 فعالية قومية وإسلامية ويسارية حول تفجير خوست يهاجم الدور الأردني في مكافحة الأرهاب، واختلفنا بشدّة بالطبع فهو أحد الموقعين على البيان وأنا كنت في زاويتي قد انتقدت البيان بقوّة واعتبرت أنه يمارس خلطا وتضليلا ظالما باستخدام القضية الفلسطينية والصراع مع اسرائيل لتثبيط الإرادة والتشكيك بالجهود وتلطيخ صورة المشاركة الأردنية في مكافحة الارهاب ومواجهة التطرف الذي يريد تمرير أجندته الظلامية على مجتمعاتنا مستثمرا في قضية فلسطين أيضا وهي آخر همومه وآخر بند على أجندته كما نرى في الميدان. ولعل معظم موقعي البيان سيكونون أول ضحايا حرية الرأي والتعبير بل وحريتهم الشخصية والخاصّة لو تمكن الفكر الظلامي! هذا اذا ضمنوا حياتهم نفسها، ولديهم الدليل والبرهان في كل مكان.
الجهود الأمنية لإحباط الإرهاب هي من واجبات الدولة تجاه مواطنيها وإذ تضطلع بها يجب أن نظهر لها كل الدعم والتقدير لأنها تقينا ما يشابه تفجيرات عمّان ان كان البعض قد نسي. إنما المعركة الكبرى مع الفكر الظلامي والتطرف تدور على كسب القلوب والعقول. وموقف مثقفي البيان لا شكّ أنه سيئ وخاطئ لكن توقيفهم خطأ، فما هي ميزتنا والحال هذه؟! المعركة الواثقة في مواجهة التطرف هي معركة الدفاع عن الاعتدال والتنوير والحريات ووجود الرأي والرأي الآخر. إنها قوّة النموذج الذي يدحض التشدد والأحادية واحتكار الحقيقة وتكفير الآخر. وأنا بالحقيقة كنت أشعر أن موقف محادين كان ضعيفا وحجّته مهزوزة وهجومه على الموقف الرسمي معزولا، وهي في النهاية مواجهة مع وجهة نظر، لا نستطيع ان نحجر عليها بل نستطيع مواجهتها ودحضها، فما المكسب بتوقيفه؟!
الآن وقد أصبح هناك دعوى قضائية ومن حق من شاء التقاضي فليكن؛ وأقدر كثيرا غضب واستياء الأخوة المتقاعدين العسكريين الذين رفعوا الدعوى وهي على الأرجح تتعلق بما قاله د. سفيان التلّ في مناظرة تلفزيونية أخرى لم اشاهدها ولا استطيع ان احكم عليها، أمّا محادين فقد قيل إنه مُنع من الكتابة ثم ثبت ان ذلك لم يكن صحيحا، واستمر يكتب مقاله اليومي في العرب اليوم كالعادة. وأنا سعيد بذلك حرصا على حرية الزميل العزيز في الكتابة وحرصا على قوّة وغلبة موقفي السياسي. لكن يا ليت لو يتم تكفيل الاثنين اليوم قبل الغد، فأنا بصراحة لا آخذ قضيتهما كثيرا على محمل الجدّ.