حل مجلس النواب ... الخطوة الأولى في طريق الإصلاح
حسان الرواد
عندما يرفض غالبية أعضاء مجلس النواب الحالي ( الديمقراطي المنتخب) التصويت لصالح مقترح انتخاب أمين عمان الكبرى, فلهذا الرفض ما له من إشارات واضحة ودلالات سلبية الشيء الكثير, فهو ذاته المجلس الذي صوت بغالبية (111) صوتا لمنح الثقة لحكومة سمير الرفاعي المعروفة بحكومة الأزمات, كما أنه المجلس الذي فشل في اختبار قضية الكازينو الغامضة تفاصيلها وتشعباتها لتختزل بوزير السياحة السابق فقط, وهذا المجلس ولا فخر قد منع (بديمقراطيته) شمول البطل الأردني أحمد الدقامسة من قانون العفو العام محلّقا بذلك الرفض خارج فضاء الشعب الذي من المفترض أنه يمثله.
إن شعار إسقاط الحكومة الذي يرفع في كل مسيرة وتظاهرة ما عاد يجدي نفعا في ظل غياب مجلس نيابي منتخب بقانون حضاري وعصري, مجلس ممثل للشعب الأردني بكل أطيافه يكون النائب فيه نائب وطن لا خدمات, وقادر على اتخاذ قرارات قوية تصحيحية بغض النظر عن أي حكومة قائمة, كونه المجلس الرقابي والمشرّع في نفس الوقت, كما أن شعار إسقاط الحكومة هو مضيعة للوقت وتشتيت للجهود والأهداف الوطنية للحراك الشعبي الداخلي بعيدا عن كل الشبهات والأفكار التي بدأت تأتي من خارج الحدود في بيانات لم نألفها ومن شخصيات لم نعرفها...؟؟ ثم لو افترضنا جدلا أن الحكومة الحالية رحلت كسابقتها فما الجديد في ذلك..؟؟ فهل سيحدث الإصلاح وينقرض الفساد والمفسدين..؟ أعتقد أن الإجابة معروفة سلفا ما دام المجلس الحالي غير مؤهل لاتخاذ قرارات حاسمة في مجال الإصلاح وتصحيح المسار ووقف تدهور الأوضاع ونزف الخزينة الأردنية على المشاريع الوهمية الفاشلة للشعب والدولة, والمربحة لرموز الفساد الأكثر ثراء من الدولة, بل ربما سيكون المجلس الحالي العقبة الدستورية الكبرى في طريق هذا الإصلاح, وما رفض غالبية أعضائه لمقترح انتخاب أمين عمان الكبرى إلا دليل واضح على غياب النهج الإصلاحي الديمقراطي لهذا المجلس, وابتعاده كثيرا عن نبض الشارع الأردني الذي ما عاد يقنعهم ويلبي طموحاتهم مجلس اتسم بطابع الخدمات واستجداء المسؤولين لمصالح فردية من وظائف وتعبيد طرق جعلته أسيرا لهذا الوزير وذاك المسؤول, بل وتعدى الأمر في كثير من الأحيان ليصل إلى مرحلة أن يكون فيها بعض النواب أصواتا مدافعة بكل قوة وشراسة عن رموز الفساد نظير خدمة جليلة قدمها له ذلك الفاسد, هذا الدور الذي فُرِضَ على المجلس من خلال قانون الصوت الواحد والتزوير جعل المجلس يبتعد كثيرا عن دوره الحقيقي والهام, تاركا بذات الوقت فراغا رقابيا كبيرا سهل بدوره ثورة الفساد وازدهاره الأكبر, ومطلقا العنان لنمو ثروات فئة قليلة على حساب الشعب وخزينة الدولة, فغابت عنه تماما الغاية الأسمى من وجوده الرقابي , فبات مصدرا وعبئا على كاهل الوطن والمواطن وستارا دستوريا وقانونيا يحتمي به الفساد, مقابل خدمات واستجداء لوظائف تمثل النفر القليل من الشعب, فهل هذا المجلس قادر على صناعة وإقرار قوانين وتعديلات التغيير المنشود..؟
قد يختلف البعض مع هذا الرأي وقد يتفق آخرون, لكن في خطوة حل مجلس النواب الحالي تحت الضغط الشعبي المتواصل سيعني بالضرورة قانون انتخاب جديد, وحكومة جديدة وحياة نأمل أن تكون بداية عهد جديد ومفصلا جديدا في تاريخ الدولة الأردنية المدنية الحديثة التي نطمح لها, فتمتاز بالشفافية والعدالة الاجتماعية والحرية المسؤولة التامة غير المنقوصة...فلا مناص من ذلك ليتحقق الإصلاح المنشود ولتنطلق عجلة التقدم الحقيقي ولينتهي عصر الاستجداء والاعتماد على المساعدات الخارجية والديون والقروض التي رهنت إرادة الدولة للخارج بعيدا عن مصالحها ومصالح شعبها المعطاء, ومن أجل أن تقطع كل المحاولات وبذور الفتن الكثيرة التي بدأت تطل برأسها من خارج الحدود وبأفكار غير أردنية محضة تلبي طموحات الكيان الصهيوني والدول الكبرى لتنفيذ مخططاتهم في أن يكون الأردن وطنا بديلا لفلسطين المحتلة.
rawwad2010@yahoo.com