سلامة الدرعاوي - لا يمكن النظر إلى شركة أدوية الحكمة التي افتتح الملك مقرها الرئيسي الجديد مؤخراً، دون النظر إلى أهمية قطاع الأدوية في المملكة، والذي بات فعلاً درة القطاعات الاقتصادية التصديرية والتشغيلية الداعمة للاقتصاد الوطني.
أدوية الحكمة سفير الصناعات الأردنية في العالم، فهي شركة عالمية اخترقت أصعب الجبهات الدولية في المنافسة، واستطاعت أن تحتل مكانة بارزة على صعيد صناعة الدواء والأبحاث في العالم وليس في الأردن فقط، فهي الآن تستحوذ وحدها على 5 % من إجمالي الصادرات الوطنية ونحو 75 % من صادرات الأدوية الأردنية، ولها حصة 10 % في سوق الأدوية المحلي، فيما تصل القيمة الاقتصادية المتأتية منها للمملكة حوالي 370 مليون دولار سنوياً.
أدوية الحكمة تمتلك 32 مصنعاً في أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى 7 مراكز بحثية منها اثنان في الأردن.
أدوية الحكمة إنجاز وطني بامتياز يسجل للراحل الصيدلاني سميح دروزة الذي أراد أن يكون للأردن دواؤه بصناعة وطنية بحتة، وتكون باكورة للتطوير البحثي والعلمي في علم الصيدلة والدواء دولياً، وهذا ما تحقق بفضل استمرار مسيرة الأب من قبل الأبناء سعيد ومازن دروزة اللذين نهضا بالشركة العالمية، وباتت اليوم مفخرة الصناعات الوطنية وسفيراً للأردن في كل بلد بفضل دوائها الذي بات في كل بيت.
النجاح ليس مقصوراً على شركة أدوية الحكمة، فقطاع الدواء ينتقل هو الآخر من قصة نجاح لأخرى، فصادراته وصلت لأكثر من 65 دولة بقيمة تناهز النصف مليار دينار، ليكون بذلك ثاني أكبر قطاع مصدر، وأول قطاع صناعي مصدر، لأن 75 % من إنتاج مصانع الأدوية يتم تصديره، وتشكل 9 % من الصادرات الوطنية.
قطاع الأدوية أحد أبرز الروافع الاستثمارية في المملكة بحجم استثمار يتجاوز مليار دولار في السوق المحلي من خلال 23 شركة داخل المملكة، و750 مليون دولار الاستثمار في فروع تملكها شركات الأدوية الأردنية خارج المملكة، حيث يبلغ عددها 17 فرعاً، موزعة في 8 دول.
الأمر لا يقتصر على أهمية القطاع في التصدير والاستثمار، وإنما بالتشغيل حيث يوظف القطاع حوالي 11 ألف موظف بشكل مباشر و30 ألف موظف بشكل غير مباشر، و99 % منهم أردنيون، حيث تبلغ نسبة الإناث 37 بالمائة، و67 بالمائة منهم يحملون شهادات جامعية.
قطاع الأدوية هو القطاع الوحيد الذي يصدر أكثر مما يستورد؛ والميزان التجاري لصالح الأردن.
تكريم الملك لشركة أدوية الحكمة ليس تكريماً للحكمة وحدها، بل هو تكريم للصناعة الوطنية عامة والدوائية خاصة، وهي تأتي منسجمة مع الرؤية الملكية في جعل الأردن مركزاً ومنطلقاً إقليمياً للأدوية، والمكملات الغذائية، والمستلزمات الطبية والمعقمات.
الدواء الأردني عنصر أساسي لتحقيق الأمن الدوائي الوطني ومساهمته كبيرة في المنظومة الصحية في الأردن، وشركات الأدوية الأردنية مزود رئيس للأدوية في العطاءات الحكومية، حيث تبلغ نسبتها في العطاءات الحكومية حوالي 52 %، وتغطي الأدوية الأردنية معظم الزمر العلاجية، وتسعى للاستثمار في توسعة الزمر التي كانت حكراً على الشركات العالمية، مثل أدوية السرطان وأدوية التقانات الحيوية.
لكن هذا لا يمنع من وجود تحديات تحد من نمو القطاع وتقف في استمرارية تطور بعض عناصره، إذ إن التحديات تتمثل في المنافسة غير المتكافئة، وأن السوق مفتوح وفق اتفاقات باتت مراجعة بعضها مطلباً صناعياً أساسياً من قبل غرف الصناعة التي تنادي بضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ناهيك عن الارتفاع غير المسبوق في كلف التصنيع كأسعار المواد الأولية، وكلف الشحن، وتبقى آخر التحديات هي مديونية الحكومة لهذا القطاع، والتي تتجاوز النصف مليار دولار، ولا بد للجهات الرسمية من معالجة هذه المديونية وسدادها وبذلك ستعود الفائدة على التشغيل والاستثمار من هذه الشركات على الاقتصاد الوطني.