سوريا لها الله..
عبدالناصر هياجنه
=====
بدايةً، لستُ محسوباً على اليمين أو اليسار ولا حتى الوسط، ولكنني محسوبٌ على نفسي أردنياً عربياً، ومسلماً قبل هذه وتلك، وأريدُ أن أقولَ كلمةً أراها تلتزمُ الحقيقة والمبدأ والضمير. في وسط معمعة النفاق والتهريج "السياسي" الذي يرقص على دماء الأبرياء باسم المؤامرة.
القومية يا "سادة" هي قومية شعوبٍ عربيةٍ ترنو إلى الحرية والكرامة والعدالة، وليست قومية أنظمةٍ شموليةٍ قمعيةٍ تمثّل على الشعوب ولا تمثلها بل تحتقرها ولا تراها إلا خانعةً محطمةً وخائفة، وبمجرد أن تنهض هذه الشعوبُ لتطالبَ بأبسط حقوقها تُهان وتُضام وتقتل، ويُفعل بها الأفاعيل، وتُخلع عليها أقذع الألقاب والتُهم.
مَنْ يقول أن الشعب السوري متآمر!، فليثبت لنا المؤامرة، وليقدم لنا دليل التآمر وليفتح للإعلام المحايد باباً ولو ضيقاً نرى فيه المتآمرون وما يفعلون! أما أن يدعم الإجرام والقتل وشن الحروب ضد شعب أعزل ويُغلق كل الأبواب أمام الإعلام المحايد، لينفرد بالساحة ويُقدم خطاباً "إعلامياً" خشبياًَ بائداً ممجوجاً لتبرير الجريمة، فهذا ما لا يُقنع أحداً أمام ما نراه ونسمع من إبادةٍ يتعرض لها شعب سوريا على يد جلاديه.
يا "سادة" حركة الشعوب العربية واحدةُ، ومبرراتها واحدةٌ تقريباً، وهي أنها طفح بها الكيل وقامت قيامة صبرها، فانفجرت في وجه عقودٍ من الظلم والكبت وفجور الأنظمة وإستبدادها. وهؤلاء الذين يزورون سوريا للتضامن معها في وجه المؤامرة التي يدّعون، لماذا لم يزروا مصر أو تونس؟!، ولماذا لا يزرون ليبيا أو اليمن؟
وما دمنا نتحدث عن المؤامرة، فمع مَن يتأمر فلاحو درعا، وبدو الحكسة، وتُجار الشام وحَلْب؟؟ ومع من يتآمر بسطاءُ اليمن؟، وأحرارُ ليبيا؟ وشبابُ ميدان التحرير؟ وقبل ذلك وبعده، مع مَنْ تآمر التونسي محمد البوعزيزي، صاحب عربة الخضار التي ستدخل - بجدارةٍ - صفحات التاريخ الإنساني المدوّن؟.
يكفي أن يعلم المتضامنون مع أي نظامٍ متهالكٍ أو هالك، أن إسرائيل تعتبر "كافة" الأنظمة العربية القائمة تقريباً أفضل الحلفاء، وكذا رأس الشر أمريكا، ولكنهم يعلمون أن حركة الشعوب لا يُمكن إيقافها ولن يكون مجدياً مناجزة الشعوب التي تُريد الحرية والكرامة والعيش وفق أبسط معايير حقوق الإنسان والشعوب المتفق عليها عالمياً. هي تعرفُ حركة التاريخ جيداً، وأنه لا سبيل لوقفها، فالشعوب التي أشعلت ثورتها "عربة بائع خضار" – مع كل الإحترام والإجلال- تعيشُ وجعاً واحداً أعياها، وهي تريدُ الآن بتره، والإنطلاق نحو الحياة.
وأخيراً، اللهم يا ملك الملوك، إذا كانت الشعوب العربية متآمرةً على أنظمتها الرشيدة فأهلك تلك الشعوب ولتحيا الأنظمة من بعدها أطيبَ حياة، وإذا كانت الشعوب العربية بريئةً من التآمر والعمالة وتُريد الإصلاح، فاصلح أنظمتها وإلاّ، فخذ تلك الأنظمة أخذ عزيزٍ مقتدر.