استوقفني خبر نشر في وسائل الاعلام المصرية منذ أيام يقول بأن «الحكومة المصرية تدرس إنشاء شركة مساهمة للمصريين في الخارج للاستثمار في مصر» ، لأعود بالذاكرة الى توصيات كثير من مؤتمرات المغتربين الاردنيين العاملين في الخارج التي عقدت على مرّ السنوات الماضية والتي كان آخرها ( مؤتمر المغتربين الاردنيين ) الذي عقد صيف العام الماضي 2021 بتنظيم من جمعية المغترب الاردني الاقتصادية و» منصة المغترب الأردني» ، والتي كان في مقدمة توصياتها الدعوة لإعداد دراسة جدوى لإنشاء بنك للمغتربين بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وبشروط وضمانات ومحفزات تضمن انتقال المدخرات المالية للمغتربين إلى البنك، وتيسير شروط الاقراض لاستثماراتهم.
المؤتمر المشار اليه صدر عنه توصيات عديدة اخرى كما كثير من مؤتمرات المغتربين التي سبقته ومنها - على سبيل المثال لا الحصر - الدعوة لمزيد من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة المشغّلة للشباب والنساء، والتركيز على المشاريع الصناعية .. وغيرها .
الاردنيون في الخارج والمقدّر عددهم بنحو المليون اردني تتوزع إقاماتهم على 70 دولة في العالم، أكثر من 70 % منهم يعملون بدول الخليج العربي ، ونحو 25 % في الولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبا ، وتقدّر مداخيل المغتربين في الخارج بنحو 4 مليارات دينار - عدا عشرات المليارات من الدولارات كأرصدة متراكمة للاردنيين المغتربين في بنوك بلدان الاغتراب خلال الثلاثين عاما الماضية - بحسب البروفيسور حسن البرماوي
رئيس الجالية الأردنية في بلغاريا و القنصل الأردني في دولة بلغاريا-.
في دبي لطالما كان الاردنيون في صدارة المستثمرين العرب في القطاع العقاري ، وهم اليوم يقبلون على الاستثمار العقاري في تركيا ..وبحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي الأردني، فقد ارتفعت حوالات العاملين في الخارج خلال السبعة شهور الأولى من عام 2022، بنسبة 0.8% لتبلغ ما مقداره 1,980 مليار دولار (1,404 مليار دينار).
كل تلك الارقام والمؤشرات تؤكد بان المغتربين الاردنيين ثروة استثمارية غير مستغلة داخل الاردن ، ولا زال كثير منهم يفضلون الاستثمار في الخارج ، وآخرون ربما لم يجدوا الفرص الاستثمارية المناسبة لهم .. وهنا لا بد ان أكرّر تسجيل الاحترام والتقدير لمبادرة رئيس وأعضاء لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب التي استمعت لآراء مغتربين اردنيين في الخارج من المستثمرين حول آرائهم بمشروع قانون البيئة الاستثمارية خلال فترة نقاشه في اللجنة ..لان هذه الفئة هي الأولى والاقرب لتحفيزها للاستثمار في بلدها قبل المستثمرين الاجانب .
اليوم .. لدينا قانون بيئة استثمارية جديد .. ولدينا رؤية اقتصادية .. وخارطة طريق لتحديث القطاع العام .. وقبل كل ذلك لدينا سفارات في الخارج تتبع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين .. ولدينا توصيات لمؤتمرات مغتربين تؤكد في كل مرّة رغبة المغترب الاردني بالاستثمار في بلده ..وما كان يحدّ من ذلك معوقات «البيروقراطية» بالدرجة الأول ، وغيرها من التعقيدات والتحديات التي تقف حائلا أمام جذب استثمارات المغتربين الأردنيين - وغيرهم- .
لذلك ربما كانت الفرصة اليوم اكثر ملاءمة لاعادة تفعيل التواصل مع المغتربين في الخارج ، بل واستهدافهم مباشرة بتشاركية بين وزارة الاستثمار ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين وسفاراتنا في الخارج وممثلي المغتربين في الخارج والقطاع الخاص وجميع المعنيين برؤية اكثر وضوحا ومشاريع ذات جدوى اقتصادية ، وتنفيذ الممكن من توصيات مؤتمرات المغتربين الأردنيين .. ولو كان على شكل انشاء «شركة مساهمة للاردنيين في الخارج»..خصوصا وان بورصة عمان لم تشهد اية اكتتابات جديدة منذ نهايات العام 2008 !