زاد الاردن الاخباري -
أحمد الملكاوي - أواخر شباط الماضي وعلى غير العادة قررت الحكومة البدء بالتوقيت الصيفي قبل وقته الاعتيادي بشهر كامل ما أحدث إرباكاً لدى مختلف فئات العاملين والعاملات في القطاعين العام والخاص، وتسبب كذلك بأزمات سير خانقة في العاصمة عمان وبعض المدن الكبرى في المملكة كإربد والزرقاء وغيرها.
وفي منتصف آذار قال رئيس الوزراء بشر الخصاونة في لقاء صحفي إنّ الحكومة تتجه إلى عدم التراجع عن التوقيت الصيفي والاستمرار فيه حتى في فصل الشتاء، واليوم بات الشتاء على الأبواب ويبدو أنها لن تتراجع عن قرارها بتثبيت التوقيت الصيفي.
في العودة إلى موعد الانقلاب الشتوي واختلاف توقيته، نجد أنّه يصادف في الثاني والعشرين من كانون أول الذي يمثل أٌقصر نهارٍ وأطول ليل، وبناءً عليه ستشرق الشمس قرابة السابعة والنصف صباحاً، وبالوضع الطبيعي فإنّ معظم العاملين والعاملين يتحركون إلى وظائفهم قرابة السابعة، وفي حال كان ينتقلون من قرية إلى مدينة فذلك يتطلب وقتاً اطول، فضلاً عن ان الكثير من العاملين والعاملات ينتقلون من محافظات الشمال والجنوب إلى العاصمة عمّان يومياً وبذلك سيضطرون إلى الخروج من منازلهم قبل أذان الفجر.
أزمات سير وحوادث مرورية قد يتعرض لها العاملون والعاملات، كما أنّ خروج بعض العاملين والعاملات من منازلهم بشكل مبكر جداً سيكون له أثر كبير على نشاطهم مع قلة ساعات النوم وتعرضهم المباشر لبرد الليل من خلال التحرك مع أذان الفجر.
أشرف السرطاوي عامل يرفض تماماً هذا التوجه، لأنّ عمله يبدأ في السابعة صباحاً ومع قدوم فصل الشتاء وبقاء التوقيت على حاله سيصل إلى مكان عمله قبل شروق الشمس.
ويلخص السرطاوي حديثه بـ"بنصير نصلي الفجر في الجامع"، حيث لا يبدو رفضه لمسألة الاسيتقاظ مبكراً وإنما بدء العمل عند الفجر.
ويقول لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّ الإنسان بطبيعته يستيقظ باكراً مع صلاة الفجر، يصلي، ويجلس مع عائلته قليلاً قبل الذهاب إلى عمله، وبخاصة لشخص يعمل في نظام الورديات، إلّا أنّ التوقيت الصيفي في حال استمراره في فصل الشتاء سيكون صعباً جداً في ساعات الصباح.
عدا عن ذلك، يعبر السرطاوي عن قلقه حيال تداعيات البرد الصباحي والخروج إلى العمل في وقت يسود فيه الظلام وبخاصة للنساء والقاطنين في مناطق لا تتوافر فيها المواصلات العامة.
ويلفت إلى أنه لا يمكن أن يستثني مخاوف تشكل الانجماد والصقيع في ساعات الصباح الشتائية الباكرة، ما قد يؤثر على الحركة الصباحية ويسبب حوادث فردية وجماعية.
عمار الزغل، أحد العاملين بوظيفتين في القطاع الخاص، يبدأ عمله في السابعة صباحاً، يرى أنّه قد يستفيد من فكرة الاستيقاظ مبكراً والوصول إلى مكان العمل قبل طلوع الشمس، حيث سيعود إلى منزله قبل غروب الشمس.
ويقول الزغل لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّ المشكلة تكمن عند من لا يمتلك مركبة خاصة، ولا سيما الفتيات، حيث يبقى الخوف مسيطراً في ساعات الصباح وقبل طلوع الشمس.
ويتوافق مع غيره حيال مشكلة البرد القارص صباحاً ومخاوف حدوث الانجماد التي تشهدها مختلف المناطق في الشتاء ومع طلوع الشمس، ما يعني أنّ الحكومة قد تلجأ إلى تأخير الدوام ساعتين في المرة الواحدة، لتفادي الحوادث المرورية والانزلاقات الفردية أو للمركبات.
ناريمان الشواهين، منسقة حملة "قم مع المعلم" تطالب بالتعامل مع هذه القضية بجدية وعدم السماح لأصحاب المدارس الخاصة بالتمادي على المعلمات.
وترجح الشواهين في حديثها لـ"المرصد العمالي الأردني" أن ينقسم أصحاب المدارس الخاصة إلى قسمين، الأول أن يقرر تأخير الدوام بناءً على مطالبات أهالي الطلبة وبالتالي ستبدأ المعلمة عملها في السابعة أو السابعة والنصف وتصل منزلها قرابة الخامسة مساءً، والقسم الآخر هو من سيبقي الدوام على حاله وبذلك ستطالب معلمات بالتواجد في المدرسة قبل الساعة السادسة، أي قبل أذان الفجر لبدء جولات جمع الطلبة من منازلهم.
وتبين أنّ المعلمات في القطاع الخاص هنّ أكثر من يكمل عمله في المنزل بعد انتهاء ساعات الدوام ومع اعتماد التوقيت الصيفي سيزيد العبء على كواهلن، وبخاصة مع وجود الأعمال الرعائية للمنزل.
وتشير الشواهين إلى أنّ جولات باصات المدارس تبدأ في السادسة صباحاً في الوقت الطبيعي، ما يعني ضرورة تواجد بعض المعلمات قبل ذلك الوقت، في حين أنّ معلمات لا علاقة لهن بالجولات ملزمات بالتواجد في السابعة صباحاً أو السابعة والنصف كحد أقصى.
وتثير الانتباه إلى مخاوف زيادة التحرش، وأنّ العديد من المعلمات من بنات القرى سيتوجهن إلى أعمالهن في المدن الكبرى في ظل عدم وجود منظومة مواصلات آمنة وفي ساعات ما قبل طلوع الشمس قد تكثر هذه الظاهرة، وستبقى العاملات بين إمّا أن تتحمل سوء الأوضاع والبيئة غير الآمنة وإما أن تترك عملها وتقبع في المنزل بدون دخل.
ومن الأمثلة على ذلك، تذكر الشواهين أنّ بعض المعلمات يخرجن من إربد إلى عمان يومياً للحصول على أجور جيدة، فكيف لهؤلاء الخروج من بيوتهن قبل أذان الفجر لقطع مسافة تفوق 80 كم كل صباح.
عماد المالحي منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق العمال (صوت العمال) يستذكر إجراء حكومة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله النسور باتخاذ مثل هذا الإجراء الذي أدى إلى عدة مشكلات ترتبط بطلبة الجامعات والعمال، كان منها مقتل الطالبة نور العوضات.
ويستغرب المالحي خلال حديثه لـ"المرصد العمالي الأردني" عدم كشف الحكومة مدى الفائدة المرجوة من هذا الإجراء الذي قد يوقع أضرارا جسدية ومادية على العاملين والعاملات.
ويقول إنّ العديد من الدول المتقدمة استفادت من إبقاء التوقيت الشتوي وليس العكس الذي تقوم به الحكومة اليوم بحجة الوفر الاقتصادي، ويشير إلى أنّ ما ستوفره الحكومة من ساعة الليل ستصرفه في ساعات الصباح حين تشرق الشمس قرابة السابعة والنصف صباحاً.
ويرى أنّ الفئة الأكثر تضرراً من العمال ستكون العاملين في الإنشاءات والقطاعات غير المنظمة بشكل أكبر؛ وذلك لعدم وجود قرارات إدارية تنظم أعمالهم، مرجحاً أن تقوم الحكومة بتأخير الدوام الرسمي ساعة وقد ينطبق ذلك على شركات القطاع الخاص.
وكانت الحكومة قد اعتمدت التوقيت الصيفي للمملكة بدءاً من آخر جمعة في شباط الماضي أي قبل شهر كامل من اعتماده السنوي المعتاد.
المرصد العمالي