زاد الاردن الاخباري -
هل فاجأ بوتين أميركا ودول الغرب بإعلان التعبئة الجزئية؟! ماذا كانت تنتظر دول الغرب وأميركا بعيد ما يسمى طرد الروس من مساحات شاسعة كانوا يسيطرون عليها في أوكرانيا قبل أشهر؟! قديما علمونا أن الأسد الجريح أخطر من الأسد المعافى. أميركا والغرب تمكنوا فيما يبدو من جرح الأسد الروسي. ولما أحس الروس بألم الجراح الذي أصاب كبرياء الإمبراطور في الكرملين قرر التعبئة الجزيئة، والتهديد بأسلحة الدمار الشامل، ومن ثمة من يجرح الأسد لا يجدر به التغافل عن ردة فعله، بل عليه أن يتوقعها، وربما أن يتجنب تعميق الجرح؟!
في مقال للكاتب الصحفي توماس فريدمان ما يمس هذه الحقيقية، حيث يتصور في الحلول أن فرض الهزيمة على بوتين يسهل عليه عملية اللجوء لأسلحة الدمار الشامل، وتكون أوروبا هي الدول الأكثر خسارة وضررا، وعليه يجدر بالغرب إيجاد حلول أقل قذارة، تسمح للروس بتحقيق شيء من المكاسب، والخروج من الحرب بشيء من الكرامة، تعيد للإمبراطور التوازن المطلوب؟!.
إن التعبئة الجزئية في روسيا تحدث لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية، وجل خطاب بوتين عند قرار التعبئة كان موجها ضد الغرب، ومتهما له بأنه يريد هزيمة روسيا، وإذلال الأمة الروسية، وتفكيكها، وهذا يقتضي تعبئة الجيش لمواجهة دول الغرب، وسياسته للهيمنة والاستعمار.
خطاب بوتين لم يتعرض لأوكرانيا بقدر ما تعرض للغرب، وكأنه يريد أن يقول للشعب الروسي نحن نقاتل الاستعمار الغربي في أوكرانيا، والحرب بدأتها أوكرنيا ضد روسيا في انقلاب ٢٠١٤م.
وفي رؤية خاصة بي أقول ربما كان قرار التعبئة في هذا التوقيت قد جاءت أيضا لإسناد الأقاليم المنفصلة عن أوكرانيا في إجراء استفتاء الشعب شرق أوكرانيا حول الانضمام لروسيا، واتمام هذا الاستفتاء بدون معوقات، وهو استفتاء في ٢٣-٢٧ من الشعر الجاري معلوم النتائج ، ويجدر أن يكون تحت حماية التعبئة الروسية، وردا على ما يصوره الغرب بهزيمة روسيا. الحماية ضرورية لعملية الاستفتاء، والتعبئة هي التي توفر الحماية في هذه المدة القصيرة بين يوم إعلان التعبئة ٢١ سبتمبر والاستفتاء في ٢٣ من سبتمبر.
المهم، ليس تحليل أسباب التعبئة وأهداف بوتين منها، بل المهم أنها وقعت، وإجراءاتها قيد التنفيذ، وهي لأول مرة تحدث بعد الحرب العالمية، وهي عملية مسكونة بأخطار وتداعيات، وعليه فما هي ردود أميركا ودول الغرب من ناحية عملية، وكذا ما هي ردود الصين أيضا، وهذا ما يجدر أن يشغلنا لاحقا ؟!