ماهر ابو طير - في عمان وأخواتها معركة أطرافها الحكومة ونقابة المحامين، وكل دائن، وكل مدين، والقصة ليست جديدة، لكنها تزداد تعقيدا هذه الأيام لاعتبارات مختلفة، يعرفها الكل.
انتهت جائحة كورونا في أغلب دول العالم، لكننا في الأردن ما زلنا نمد في عمر قانون الدفاع، وإذا كان الرسميون يقولون إن قانون الدفاع كان لازما بسبب الظروف التي سادت ولحماية الوظائف، والفصل بين الدائن والمدين، وغير ذلك من مسببات، فإن كل المبررات انتهت إلى حد ما.
معنى الكلام انه من حيث العنوان العام يتوجب وقف قانون الدفاع وأوامره وتعليماته، لان الجائحة انتهت، فعليا، حتى لو لم تعلن المنظمات الصحية ذلك، ووقف قانون الدفاع سيعيد الأمور إلى طبيعتها، حيث لا يمكن جدولة كثير من القضايا الى ما لانهاية، في هذا البلد.
وإذا كنا نطالب بوقف قانون الدفاع، فإن بعضنا يخرج ويحذر من وقف تطبيقه، خصوصا، فيما يتعلق بأمر الدفاع 28 الذي يمنع حبس المدين، فيما يستفيد من امر الدفاع 28 كل مدين، ويصيح بالمقابل كل دائن، لان من حق الدائن بعد كل هذه الفرص الزمنية ان يحصل على حقوقه، بدلا من تأجيلها الى ما لانهاية، وهذه عقدة ستفصل فيها الحكومة قبل نهاية الشهر الحالي، كون أمر الدفاع 28 سينتهي تطبيقه خلال أيام، فإما تمدده الحكومة مجددا، وإما توقف تطبيقه.
يخرج العين طلال الشرفات ويكتب قائلا ..” في ظني أن الحكومة ستكون مضطرة للاستمرار في العمل بقانون الدفاع، وبالتالي تمديد العمل بأمر الدفاع رقم 28 لسنة 2021 لأسباب تتجاوز قدرة الحكومة على المناورة، وطلبات التجار ورجال الأعمال ونقابة المحامين بوقف العمل بأمر الدفاع الذي ينظم أحكام حبس المدين تنطلق من مصالح تدركها الحكومة ومجلس الامة، ولكن الواقع الصعب يشي باستحالة تنفيذ هذه المطالبات وعلى الأقل في المدى المنظور؛ والسبب يكمن في أن عدد المطلوبين لأوامر الحبس والطلبات المعلقة التي سينفلت عقالها بمجرد وقف العمل بقانون الدفاع تضاهي أضعافا مضاعفة قدرة مراكز الإصلاح على استيعاب تلك الأعداد”.
ومع تفهمي لما يقوله العين الشرفات، إلا أن تتوجب الاشارة إلى أن مبرره بوجود أعداد كبيرة مطلوبة لا يمكن استيعابها وعلى صحته، لا ينفي أن استمرار أمر الدفاع 28 وتمديده، سيؤدي إلى أمرين أولهما زيادة أعداد المطلوبين على قضايا جديدة، وثانيها ظلم أصحاب الحقوق.
بالمقابل يخرج نقيب المحامين يحيى أبو عبود، ويقول ” نقابة المحامين ليست مع حبس المدين بل مع بدائله، مشيرا إلى أن نسبة التحصيلات من الدائنين لدينهم انخفضت إلى 2 %، منذ صدور أمر الدفاع المتعلق بعدم حبس المدين، وأنه لم يأت مدين للوفاء بدينه بمجرد 5 دنانير، كما أن الدائن يعاني من العذاب عند المطالبة بحقه، لافتا إلى أن مدة صدور الحكم بالحبس ومكوث القضية في المحاكم تستغرق مدة 3-4 سنوات، كما أن التلويح من الحكومة بعدم تمديد أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين، سيجعل 70 % من المدينين يتوجهون للتسوية مع الدائنين”.
وكلام النقيب مهم، لانه يؤشر على ان المدينين لم يستثمروا فرصة أمر الدفاع 28 طوال الفترة الماضية، للوصول إلى تسويات مع الدائنين، فيما لا يمكن تجاوز وجود حقوق للدائنين هنا.
القصة معقدة، وكل طرف يريد تدعيم موقفه، وربما يكون الحل إذا اصرت الحكومة على بقاء كل قانون الدفاع، أن يتم اصدار أمر دفاع جديد، أو تعديل أمر الدفاع 28 بحيث تختلف تفاصيله، بما يساعد الدائنين علىى تحصيل حقوقهم، ولا يؤدي إلى حبس المدين في الوقت ذاته، وقد يبدع القانونيون هنا في إيجاد حل وسط، بدلا من استمرار هذه الحالة، فلا المدين يسدد، ولا الدائن يحصل على حقوقه، وهذا يعني انه قد يكون من الخطأ أن تتورط الحكومة فقط في فكرة التمديد او عدم التمديد، وقد تجد مسارا ثالثا، يراعي كل العوامل التي تتحدث عنها الأطراف، وبشكل وسطي، خصوصا، ان ترك الوضع كما هو سيؤدي الى تفاقم المشكلات، مع دخول دائنين جدد الى قوائم المطلوبين بما يعني بعد أشهر استحالة الغاء كل أمر الدفاع 28.
ولعل نقابة المحامين والحكومة وكل قانوني مخضرم يتقدمون بوصفة معدلة لأمر الدفاع 28.