زاد الاردن الاخباري -
التفتت أنظار العالم اليوم إلى رؤوس النساء اللواتي أظهرن تضامنهن لحقوق المرأة في إيران، بعد أن توفيت شابة إيرانية خلال احتجازها من قبل الشرطة الأخلاقية، إذ توجهن لساحات الاحتجاج وأمام الكاميرات في منازلهن ليقصصن شعرهن تنديدا بوفاتها.
وفي صورة انتشرت على تويتر بشكل كبير، تظهر خصل من الشعر مرفوعة على عصا تشبه سارية العلم، ويرفرف الشعر المقطوع مثل راية سوداء صادمة.
وتقول ناشرة الصورة إنها التقطت خلال الاحتجاجات في إيران، التي انطلقت بعد مقتل الشابة مهسا أميني، التي احتجزتها قوات الأمن بسبب "حجاب غير مناسب" وتوفيت خلال الاحتجاز.
وتنفي طهران تعرض الشابة للتعذيب أو الضرب، وتقول إنها كانت تعاني من أمراض مزمنة، لكن والديها ينفيان هذا، وتشيع تقارير عن وجود علامات ضرب على رأس أميني وجسدها قد تكون السبب في وفاتها.
تفرض إيران شكلا متشددا من أشكال القانون الديني، يوجب على النساء أن يغطين شعورهن وأجسادهن بالكامل، وفيما يتم التساهل بشكل نسبي مع المقيمات في المدن الكبيرة، مثل طهران، وفقا للصحفي والخبير بالوضع الإيراني، مصطفى ناصر، فإن التعليمات مشددة في المناطق الريفية والمدن الأصغر.
كانت مهسا ترتدي الحجاب، لكن الشرطة الدينية الإيرانية قررت أن حجابها "غير موافق" للتعليمات. وبعد وفاتها، انطلقت احتجاجات مستمرة منذ أكثر من عشرة أيام، كان عنوانها الأبرز إحراق النساء لأغطية رأسهن وقص شعرهن.
عندما يصبح المقص سلاحا
لكن قص الشعر تعبيرا على الاحتجاج ليس بالأمر الجديد، إذ اشتهرت قصة "الضحية" أبان الثورة الفرنسية، حيث قامت قريبات ضحايا المقصلة الشهيرة بقص شعرهن بشكل قصير، علامة على استذكار الضحايا الذين تشير مصادر تاريخية إلى أن عددهم فاق 15 ألف شخص.
ويقول موقع Time Line إن قصة a la victim أو (الضحية)، التي عرفت أيضا باسم " à la Titus" أو "قصة شعر تيتوس" كانت علامة على الاحتجاج النسوي ضد القمع.
واسم "تيتوس" هو إشارة إلى تيتوس جونيوس بروتوس، الابن الأكبر للوسيوس جونيوس بروتوس، الذي أسس الجمهورية الرومانية في عام 509 قبل الميلاد عن طريق الإطاحة بالنظام الملكي الروماني.
ويقول الموقع إن "العلاقة بين تيتوس الروماني وقص شعر النساء الفرنسيات تفهم من خلال مشهد لمسرحية لفولتير، حيث يقول الممثل، ذو الشعر القصير، قبل إعدامه: "أعطونا الموت بدلا من العبودية".
بشكل كبير، أصبح قص النساء شعرهن أبان الثورة الفرنسية علامة على الثورة ضد الثورة ذاتها، أو ضد الظلم والقمع الذي صاحبها.
وفي عام 2012، قامت نحو 30 امرأة مصرية بنفس الشيء خلال احتجاجات على الدستور، وفقا لموقع Daily News Egypt.
وتقول الصحفية والناشطة، زينب المشاط، إن "قص المرأة لشعرها يمثل علامة على نقطة انطلاق جديدة".
ويرى ناصر في حديثه لموقع "الحرة" أن "البادرة الاحتجاجية المتمثلة بقص الشعر خلقت صدمة داخل إيران، بشكل جعل الإصلاحيين، وهم جزء أقل تشددا من النظام الإيراني، يدعون لإلغاء قانون الحجاب إذا كان سيوقف الصدامات والقتل".
ويؤكد ناصر أن "التيار الإيراني المتشدد يصف الناشطات اللواتي يقصصن شعورهن بأوصاف بشعة، وهو غير سعيد أبدا بامتداد الاحتجاجات بهذه الطريقة".
ويقول: "الاحتجاجات كانت مؤثرة جدا، إذ أن العديد من الفنانين والرياضيين المشهورين العالميين انضموا إلى هذه الحملة وبدؤوا بمساندة النساء الإيرانيات".
ويضيف "كانت هناك العديد من الحملات من النساء الإيرانيات المعترضات على الحجاب في السنوات الماضية، ومنها حملة 'الأربعاء الأبيض' التي يخصص فيها يوم الأربعاء لتصوير أنفسهن في المناطق العامة بدون حجاب، وحملة 'بي حجاب' التي أطلقتها الإيرانيات انتصارا لإحدى الفتيات التي اعتقلت بعد تصويرها نفسها بدون حجاب وسط شوارع طهران وحكم عليها بالسجن لسنوات عدة".
وامتدت حملة قص الشعر من النساء إلى الرجال، وشارك فيها عدد من الرياضيين الإيرانيين الذين حلقوا شعر رؤوسهم ونشروا ذلك عبر صفحاتهم، وفقا لناصر، كما امتدت إلى الإيرانيات المقيمات في الدول الغربية.
ويقول ناصر إن "هذه الحملة أخذت بعدا آخر في صفوف الجبهة الإصلاحية المعارضة لسياسات الحرس الثوري في إيران، فذهب بعضهم إلى ربط الحملة بالقانون الإيراني المستند إلى الشريعة، إذ يفرض القانون على من يتسبب بقص شعر الفتاة أو المرأة دية كاملة وفق القانون الإيراني، توازي دية فقد المعتدى عليه العين أو الأنف أو أي جزء من الوجه".
بداية جديدة
ويعني قص النساء لشعرهن، احتجاجا، إنهن "لم يعد لديهن ما يخشين عليه"، وفقا للصحفية زينب المشاط.
وبالنسبة للنساء ترتبط خصلات الشعر بذكريات محددة غالبا، وتقول المشاط لموقع "الحرة" إن "قرار قص الشعر بالنسبة للمرأة ليس قرارا سهلا، ويمثل رسالة بأنها على استعداد للتخلي عن أي شيء وأنها لا تخاف من أي شيء"، وأنها "وصلت إلى مرحلة من القوة بحيث أنها تقوم بالتخلي عن أعز ما تملك بيدها هي".
وتقول الطبيبة النفسية، سارة كوبوريك، لموقع Mane Addict إن "الحاجة إلى الشعور بالسيطرة دافع رئيسي وراء قصات الشعر".
وقالت إنه "يمكن أيضًا أن يعزز ثقتنا ويجعلنا نشعر بتحسن تجاه أنفسنا"، ويمكن أن يمثل تغيير الشعر بداية جديدة أو يكون رمزا للتخلي" عن الماضي.
وينقل الموقع عن ليز هيوز، وهي طبيبة نفسية أيضا، قولها إن "قص شعرنا طريقة سهلة لتحقيق الإشباع الفوري. عندما يبدو كل شيء وكأنه ينهار، يمكننا التحكم في شكلنا الجديد".
وتقول الناشطة، رحمة شهاب، إن شعرها "مثل دفتر مذكرات"، حيث "ترتبط القصات الجديدة والألوان المختلفة غالبا بمراحل" تمر خلالها.
وتضيف رحمة لموقع "الحرة" أن "قص الشعر بهذه الطريقة يمثل بداية جديدة، تكون غالبا بعد طريق طويل من المعاناة، والمرأة حينما تقص شعرها لا تبدأ صفحة جديدة في دفتر المذكرات وإنما ترمي الدفتر بأكمله وذكرياته الموجودة فيه وتبدأ دفترا جديدا".
الحرة
This picture of chopped hair hoisted as a flag will be the photograph of this century.#IranProtests2022 pic.twitter.com/pq1viygnvF
— Leena Manimekalai (@LeenaManimekali) September 22, 2022
The brave people of Mazandaran, my birthplace dancing for the freedom they deserve.
— Masih Alinejad 🏳️ (@AlinejadMasih) September 20, 2022
I am crying by watching women burning their headscarves.#Mahsa_Amin got killed because of this headscarf but she became a turning point for Iranian women and a tipping point for the regime. pic.twitter.com/vnDsYCjHBR
Unprecedented scenes in Iran: woman sits on top of utility box and cuts her hair in main square in Kerman to protest death of Mahsa Amini after her arrest by the morality police. People clap their hands and chant “Death to the dictator.” #مهسا_امینی pic.twitter.com/2oyuKV80Ac
— Golnaz Esfandiari (@GEsfandiari) September 20, 2022