أيها الأردنيون...لماذا حل المجلس أولا..؟؟
حسان الرواد
هكذا أرادوه, فرسموا له الطريق ونحن على الدرب سرنا, فكنا كما أرادوا هم أن نكون... وبات المجلس كما أرادوا له أن يكون...مجلس الخدمات والاستجداء والبحث عن فتافيت الكبار إن بقي منهم هذا الفتات....
هل تتصور وتعقل أيها الأردني أن مائة وعشرين نائبا قادرون على خدمة ستة ملايين إنسان بهمومهم اليومية ومشاكلهم المتفاقمة وصغائر أمورهم وحتى فك النشب في مشاجراتهم التي زادت عن معدلها الطبيعي... سأقولها لكم بكل صدق لا يستطيع هذا العدد أبدا فعل ذلك ولو كانوا رؤوس قومهم...
لم ولن يفعل هذا المجلس ما يخدم المصلحة العامة ما دام أنه وأننا قبلنا له أن يكون مجلسا للخدمات والاستجداء ومجلسا قبل أعضاؤه الوقوف بباب المسؤولين منتظرين منّة هذا الوزير ومكرمة ذلك الرئيس...
تعلمون تماما أن غالبية من يصوتون لنائب الخدمات سرعان ما يعضّون على أصابعهم ندما وغيضا من نائب وعدهم بكل ما لا يملكه ولا يستطيع فعله إلاّ لنفر قليل من خاصته المقربين لقاء وقوفه الدائم ضد مصالح الشعب والوطن, وليغض الطرف عن فساد الفاسدين...
كم واحد منكم مات غيضا وقهرا وهو يرى ويسمع أول كلمة أو موقف من نائب صوّت له وعادى الجميع من أجل أن يراه تحت القبة ... فوجده مسلّما أو نائما أو غائبا أو مصوتا بخاوة ونص قهرا في المواطنين ...
هل تدرك أيها المواطن أننا لم نعد نصوت للوطن مطلقا من بعد عام 1993, وأننا بتنا نصوّت لشخصيات لأنها من عشائرنا فقط... متجاهلين وضاربين بعرض الحائط معيار الكفاءة والفكر, مبتعدين تماما عن كل تقدير أو اعتبار للوطن ومصالحه العليا...منتظرين خدمات هي حقوق لنا ضيعها الفساد والاستبداد وإساءة استخدام الوظيفة العامة وكل ذلك ما كان ليكون لو أننا انتخبنا نواب وطن لا نواب خدمات...
أقولها بكل صراحة أن مجلس (الخدمات) قد ساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تفشي الفساد بشكل كبير, وترك الباب مفتوحا على مصراعيه للصوص النهار ينهبون أموال الأردنيين بدون حسيب أو رقيب, والتي لو وظفت في مشاريع إستراتيجية لما احتاج أي واحد منا الوقوف بباب نائب لاسترداد الحقوق, أو سلب تلك الحقوق, ولتفرّغ النواب لعملهم الحقيقي من رقابة ومحاسبة ووضع النقاط على الحروف...
عندما يصرّح وزير أردني سابق ومطلع ومحاسب على ما يقول: بأن الأردن قد فقد مبلغ 12 مليار دينار نتيجة الفساد, فالسؤال هنا, أين مجالس النواب من هذا الحجم الهائل للفساد...؟؟ نعم, أين المجلس ورقابته التي لو كانت موجودة بحدها الأدنى لما كان ما كان... تخطئون يا من اكتويتم بلظى الفساد وغياب العدالة وضياع الحقوق نعم, يخطئ كل من يقول أن مجلس النواب الذي فقد صفته ووظيفته الحقيقية لا علاقة له بتردي الأوضاع الاقتصادية في الأردن ولا يتحمل العبء الأكبر من العجز والمديونية ونهب المال العام وبيع مؤسسات الشعب بأثمان بخسة لمجهولين...فالمال السايب يعلم السرقة... أليس كذلك أيها الأردنيون..؟؟؟
نحن من انتخب و نتحمل هذا العبء أيضا عندما أدرنا ظهورنا للوطن وقدمنا القبيلة والعصبية عليه فجئنا بنواب لا يجيدون سوى الموافقة ولا يعرفون للمناقشة والمحاسبة طريق إلا من أجل نيل حصة أو نصيب أو وظيفة حقيرة تساوي عند بعضهم الوطن..هذا حجم وقيمة الوطن إن كنتم لا تعلمون...
قولوا لي كيف لنائب الخدمات الذي يستجدي مسؤولا أن يحاسب هذا المسؤول إن رأى منه منكرا أوانحرافا, فنائب الخدمات لا يستطيع أن يحاسبه بالتأكيد لأن مجاله الخدمي الذي فُرض عليه يجعله في حاجة دائمة للمسؤول ولو كان من أكبر اللصوص والنائب يعرف ذلك يقينا لا ظنا...
أيها الأردنيون, في كل مرة صوتنا فيها من منطلق ضيق وقَبَلي ندمنا ولم نحقق على المستوى الشخصي مكاسب تذكر, لكن الوطن في كل مرة كان يخسر أكثر, فدعونا نصوت مرة واحدة للوطن الجريح المنهوب, دعوا العصبية والمصالح الضيقة ولو مرة واحدة, وتصورا وتخيلوا لو أننا جئنا بنواب يمثلون الوطن حق تمثيل (وليس ذاك ببعيد) فهل ستفشل المشاريع والمجرم دائما مجهول..؟ وهل ستفقد الملايين بكل بساطة..دون أن نعرف أين ذهبت وإلى أي جيب وحساب وصلت؟ أم هل يجرؤ أحد كائن من كان على مد يده جهارا نهارا على المال العام ؟ وهل سيجرؤ أحد على بيع مؤسساتنا الكبرى من تحت الطاولة وبعمولات ونسب وتنفيع وبأقل من قيمتها الحقيقية بكثير؟ وهل ستسن القوانين التي تخدم فئة قليلة وتضر بمعظم المواطنين..؟ وهل سيتم احتكار الوظائف والمناصب العامة لفئة قليلة ورثت الغباء وتعلمت السرقة من نعومة أظفارها؟ وهل ستهاجر العقول والكفاءات بحثا عمن يقدرها بعيدا عن معيار الأصل والحسب والوراثة... فسحقا بعد ذلك للانتماء والإبداع والعطاء... فهذه الصفات مع الفساد لا يلتقيان؟
من أجل ذلك كله يجب حل المجلس الذي فرط كثيرا بواجبه راضيا أو مرغما وقَبِلَ أن يكون مجلسا للخدمات, فما عدنا نريد خدماتكم وفتات أعيانكم, نريد مجلسا للوطن كل الوطن يعيد الحقوق ويجرؤ على ترسيم الخطوط, ووضع الحدود, وتصحيح كل اعوجاج بات مع مرور الزمن استقامة وشذوذ, فنائب الخدمات ضعيف أسير مهزوز, ونائب الوطن قوي جسور, نائب الخدمات يستجدي ونائب الوطن يحاسب وينتزع ولا منة لأحد عليه تحت القبة إلا لله أولا والشعب الذي وثق به وأوصله للمجلس ثانيا.
إن كانت إرادة التغيير والإصلاح موجودة عند أصحاب القرار, فلن يتطلب الأمر سوى سن قانون انتخابي مؤقت بعد حل هذا المجلس يرضي طموح الأردنيين ووعيهم وحراكهم المستمر, مع تحديد سقف زمني لعملية الانتخابات يصاحبها استمرار الحراك الشعبي المسؤول, وتقوم فيها كل الجهات الوطنية الغيورة من أقصى الوطن إلى أقصاه بنشر التوعية وتبيان أهمية هذا المجلس تحديدا وأن من ننتخبهم اليوم سيرسمون واقعا جديدا يلبي طموحات جميع الأردنيين وبعيدا عن ثقافة انتخابات نائب الخدمات والمصالح الذاتية التي تأصلت وتجذرت فينا ولم يجنِ الوطن منها إلا مديونية ضخمة ومشاريع فاشلة وبيع معظم مؤسسات الوطن الناجحة...يجب أن تكون لدى المجلس القادم القدرة والجرأة ليصبح رقما صعبا في مستقبل الأردن وأمنه واستقراره وتطوره, وإلاّ فسنبقى في ذات الدائرة المغلقة وسيبقى الفساد العنوان الأبرز في مجالسنا ولا يتعدى مادة غنية دسمة نطيل بها أحاديثنا ونروي فيها حكايات أبطاله... هذا سرق عشرة وذاك لطش المنحة والضرائب زادت والرواتب نقصت....أما الفاسدون المتنعمون بدمائنا فلن تضيرهم الجعجعة شيئا مهما بلغت... ما دام الطحن قد غاب عنها...
rawwad2010@yahoo.com