زاد الاردن الاخباري -
قرر ورد الجمال ( 25 عاماً) السفر إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل، ورغبة منه في اللحاق برفاقه الذين وصلوا إلى هولندا منذ أشهر واستفادوا من الامتيازات التي تمنحها الدول الأوروبية للسوريين الناجين من الحرب.
وعبر الجمال برحلة جوية من الخليج العربي إلى الأراضي الأوروبية وهناك كان على موعد مع رحلة تهريب مضنية، اقترب خلالها من حافة الموت جوعا أكثر من مرة.
إلى أوروبا جوًا
قال الجمال لـ"إرم نيوز": "توجهت إلى ألبانيا مباشرة كوني أقمت في عدة دول عربية غير سوريا، ومنحتني تلك التأشيرات على جواز سفري الفيزا إلى ألبانيا مباشرة، واجتياز محطتين من رحلة الوصول إلى أوروبا وهما تركيا واليونان".
وأضاف خريج معهد الحاسوب في سوريا: "وصلت إلى ألبانيا بعد أن قمت بالاتفاق مع مهرب سيقوم بنقلي من ألبانيا إلى داخل صربيا ولكن عندما وصلت، لم يعد المهرب يجيب على اتصالي".
بعد أيام من محاولة الاتصال الفاشلة بالمهرب، أيقن ورد أنه لا وسيلة لديه سوى الاتفاق مع مهرب ثان.
وصل ورد إلى نقطة الانطلاق وهي عبارة عن غرف صغيرة بجانب محطة وقود، ومن هناك بدأت رحلته إلى حدود كوسوفو مع صربيا.
وهنا قال الجمال: "تم تجميع المهاجرين حتى وصل العدد إلى 50 شخصا، ثم بدأنا المسير بعد دفع المبلغ كاملاً إلى المهربين".
تحت تهديد السلاح
كان طريق المسير وعرًا جدًا ما استدعى قيام ورد ورفاقه بحمل الأطفال والنساء الذين يسيرون معهم، حتى وصلوا إلى نقطة الانتقال من ألبانيا إلى حدود كوسوفو عبر سيارات صغيرة.
وقال الجمال: "حصل خلاف مالي بين المهربين وأصحاب السيارات، تطور إلى شجار وإشهار السلاح في وجهنا مع تهديدات وصراخ بلغة غريبة لا نفهمها".
وأضاف: "قام أحد المسلحين في وضع فوهة البندقية صوب رأسي.. حاولت تهدئته باللغة الإنجليزية لكنه لم يفهم، ولم يهدأ إلا بعد سلب 200 دولار من قبل شخص".
وصل ورد ومجموعته إلى نقطة المسير التالية، وهناك واجهوا مشقة المسير في الجبال الشاهقة والطرق الوعرة لمدة يومين كاملين.
وهنا قال: "كان المفترض أن نجتاز تلك المسافة خلال 7 ساعات، لكنها وصلت إلى يومين نتيجة وعورة الطريق ووجود عدد كبير من الأطفال الذي وصلوا في حالة يرثى لها نتيجة الجروح والإصابات".
وأردف ورد: "كنا في كل محطة نتصل بالمهربين ونطلب العودة، لكنهم يرفضون ويهددونا بالشرطة وعصابات التشليح التي ستتربص بنا في حال قررنا العودة، فما كان منا إلا متابعة المسير إلى فندق مهجور في كوسوفو".
المجر.. مقبرة اللاجئين
من كوسوفو انتقل ورد ومجموعته إلى بلغراد ومن هناك انتقلوا عبر حافلات إلى الحدود الصربية - المجرية حيث نقطة التجمع التي سينتقلون منها إلى النمسا.
وعن نقطة التجمع قال ورد: "كان الوضع مأساويًا هناك، أطفال جرحى ونساء ورجال مثقلون بالإصابات، وجثث متفسخة، وهناك بدأت رحلة التواصل مع مهرب جديد لعبور الحدود المجرية".
بقي ورد حوالي أسبوع كامل على الحدود المجرية، نصفها بلا طعام وشراب، وفي كل محاولة عبور يتعرضون للضرب الوحشي من قبل حرس الحدود المجري.
وهنا أوضح ورد "كانت محاولات العبور تتم عن طريق أشخاص أفغان يتفقون مع المهربين، وكانوا جميعهم مجرمين تحت تأثير المخدرات، يقومون بالاعتداء على المهاجرين وضربهم بوحشية، أما حرس الحدود فكان ينتظر نصب السلالم على السياج ليأتي عناصرها ويركلون السلم ويعتقلونا".
ورق الشجر.. الطبق اليومي
وبعد عبور الحدود المجرية ودخول أراضيها، سارت المجموعة حوالي 14 ساعة بلا طعام وماء.
وعن هذه الرحلة قال ورد: "في اليوم العاشر بدأت الجثث تتساقط مغميًا عليها من قلة الطعام والشراب، وأية محاولة لجوء إلى أهالي القرى ستكون نتيجتها الاعتقال فوراً".
وتابع قصته قائلا: "رأيت رجلًا سوريًا يأكل ورق الشجر، اقتربت منه وقلت له ماذا تفعل..!؟ قال لي: قمت بأكله سابقًا خلال فترة حصار الغوطة في دمشق، فما كان مني إلا تناول أوراق الشجر معه كي أسد رمقي".
في المرة الأولى التي تناول فيها الشاب ورق الشجر، عانى من آلام حادة في معدته، ولكن في اليوم التالي اعتاد على تناولها، فأصبحت وجبته الوحيدة لمدة 3 أيام.
وتابع: "كل شيء كان هينًا أمام الاعتقال من حرس الحدود المجري، فكان يوميًا يأتي مهاجرين اعتقلوا سابقاً ويروون لنا ما حدث لهم".
همجية حرس الحدود
شاب بيد مكسورة، وآخر عظم حوضه مهشم، وامرأة حامل لا أحد يعرف مصيرها في الغابة، هذه كانت حصيلة دفعة المصابين الذين اعتقلوا من قبل الشرطة الهنغارية، والذين عادوا إلى المجموعة.
أيقن ورد أن محاولة العبور مع المجموعة مستحيلة، فقرر العبور وحيداً لأن فرصة اختبائه ستكون أفضل.
وهنا قال: "سرت باتجاه الحدود النمساوية بين أغصان الشجر والترع المائية، وأنا أتفادى ملاقاة أي شخص كي لا يسلمني إلى الشرطة، فقد كنت مكتسيًا بالتراب والدماء".
وأضاف ورد: "وصلت إلى النمسا، وهناك التقيت بمجموعة شبان وصلوا قبلي، وبدأنا جميعًا السير إلى الأمام وصولًا إلى نقطة انطلاق ومهرب جديد نقلنا من فيينا إلى ألمانيا".
من ألمانيا سافر ورد بحافلة إلى هولندا وهناك تقدم بطلب اللجوء، وهو ينتظر إلى الآن إجراءات إقامته ليتابع حياته كلاجئ في أوروبا.