عندما تنتهي الحرب يأتي أحدهم فيجلس على الجدار يصور المشهد أو يصف الأحداث في قصّة وربما رواية، إنه الغريب الذي يؤكد لنا بأنه الأقرب، كأنه ذات الحديث عن الشباب، عندما نجلس في قاعات مغلقة نسميها قاعات مؤتمرات أو ندوات أو ورشات أو جلسات، نتحدث كأوصياء لما يفترض أن يقوم به ذاك الشاب خارج القاعة، خارج اهتماماته، خارج احتياجاته وأولوياته ومرحلته التي يعيشها.
هناك إدمان شبابي على مخدرات عديدة أخذت أشكالاً جديدة ليس بالضرورة أن تكون عقاراً مهلوساً، إنها تتغلغل في أوردة العقل وخلايا الوجدان، إدمان البطالة والكسل، إدمان السوشيال ميديا، إدمان الانتظار الكئيب، إدمان التغيّر، إدمان التوتر والانفعال، إدمان العزلة.
لا يوجد تعريف جامع للشباب وهناك صعوبة فى إيجاد تحديد واضح لهذا المفهوم، هناك من يحدد هذه المرحلة من سن الخامسة عشرة وحتى سن الخامسة والعشرين وهناك من يحدد هذه المرحلة من سن الثالثة عشرة ويصل بها حتى سن الثلاثين ، وغيره يحددها ما بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين، وهذا الاختلاف في تحديد مفهوم الشباب أدى إلى وجود اتجاهات متعددة لتعريف الشباب.
إن التغيرات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها والتي أثرت بشكل مباشر على النسق القيمي لدى أفراد المجتمع بصفة عامة وعلى الشباب بصفة خاصة حيث تتمثل هذه التغيرات في جملة التصورات التى حدثت للواقع.
الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وانخفاض الدخول وقلة الخدمات وزيادة مستوى المعيشة والقهر المادي والاستغلال الاجتماعي وعجز الأفراد عن تدبير أمور حياتهم المعيشية كل ذلك يؤدي إلى تشكيل أنماط سلوكية لا معيارية ويخلق نوعاً من الخلل الذى يتفاقم عبر الزمن بل قد يصل إلى خلق أشكال من الانحراف حيث يحاول كل فرد البحث عن وسائل غير مشروعة للتغلب على تلك المشكلات المادية والضغوط الناتجة عنها. الفساد والتسيب واللامبالاة وعدم الانضباط والفوضى الأخلاقية وزيادة العنف والتطرف بأشكاله المختلفة، وظهور أنواع من الجرائم المنظورة وغير المنظورة كالرشوة والبلطجة وغيرها من الأفعال التي تدل على تدهور القيم الاجتماعية وتحولها من قيم إيجابية بناءة إلى قيم سلبية هدامة
انتشار سلوكيات منها الثقافة الاستهلاكية، أغنيات شبابية، ملابس عالمية، أفلام عنف، تنميط الأذواق، قولبة السلوك، ثقافة المخدرات، انتشار الجرائم، البلطجة، تدهور مستوى المعيشة، تقليص الخدمات الاجتماعية، اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء. وكذلك تأثير الإعلام بما يملكه من قوة وخاصة بعد ظهور الفضائيات وما يسمى بالأثير المفتوح على قيم الشباب، وساهم الإعلام في نشر أنماط وقيم أخذ بعضها طابعاً عالمياً وجاوز حدود حضارته التي أفرزته من خلال انتشار ثقافة الصورة، وأثر على تشكيل وعي الشباب بتأكيد القيم النفعية والفردية، وانتشار ثقافة الاستهلاك نتيجة الانفتاح، والهجرة. شعور الشباب بعدم المساواة في الفرص والحقوق بين الناس داخل المجتمع نتيجة غياب العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وانتشار المجاملات والوساطات والجهويات.
مشكلة البطالة تُعد من أهم المشكلات التي تؤرق الدولة بصفة عامة والشباب بصفة خاصة وتهددهم والتي تحولت إلى قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بانتشار الانحراف الاجتماعي وارتفاع معدلات الجريمة التي تؤدي إلى انتحار المئات من الشباب سنوياً.
انشغال الشباب بالمشكلات الحياتية وأعباء المعيشة وكسب لقمة العيش وهمومهم الشخصية تجعلهم لا يهتمون بالأمور والقضايا السياسية وبالتالي تقع خارج اهتمامهم. إن شرارة ما سمّي بالربيع العربي جاءت من جوع وبؤس وحرمان لا من اختلاف بالرأي.
الفساد وصوره المختلفة مشكلة مزمنة تؤرق الجميع وتتفشى في مؤسسات ومرافق وجهات حكومية وخاصة، الواسطة والمحسوبية من الظواهر الشائعة والمألوفة في الوقت الحالي في الإدارة العامة والتي أصبحت تمثل نمطاً عادياً من أنماط السلوك العام في المجتمع.
أصبح العنف ظاهرة من الظواهر الإجرامية الموجودة مثل المخدرات والجنس والسرقة والتحرش الجنسي وقد ساعد على زيادة حالات الانفلات السلوكي في المعايير وعدم الإيمان بالقواعد المنظمة للسلوك وبالقيم السائدة في المجتمع وعمل على تفشي الأمراض الاجتماعية.