زاد الاردن الاخباري -
يعيش المغرب ندرة مياه غير مسبوقة دفعت السلطات إلى تخصيص ما قدرته نحو تسعة مليون دولار أميركي، لمواجهة أسوأ موجة جفاف تضرب المملكة، فيما دعا محللون تحدثوا لموقع "الحرة" إلى تجنب أخطاء الماضي والاستثمار في البحث العلمي.
ورصد مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2023 ما مجموعه 10,6 مليارات درهم لمعالجة ندرة المياه، بزيادة حوالي 5 مليارات درهم مقارنة بالسنة الماضية.
وتكشف زيادة المبلغ المخصص لهذا العام خطورة الأزمة التي باتت تتصدر اهتمامات المغاربة.
والمغرب أصلا تحت خط ندرة المياه الذي تحدده المنظمة العالمية للصحة بـ1700 متر مكعب للفرد سنويا، بينما لا تتجاوز هذه الحصة 600 متر مكعب في المملكة. وكان هذا المعدل أكبر أربع مرات في الستينيات، عندما قُدّرت حصة كل فرد من المياه بـ2600 متر مكعب.
تقول الباحثة المتخصصة في الهندسة البيئية والتنمية، أميمة خليل الفن، لموقع "الحرة" إن بوادر أزمة الماء في المغرب بدأت منذ 2018 بعد تراجع الأمطار، ولكن هذه السنة اشتدت حدتها.
وتشير الباحثة إلى أن السدود جنبت المملكة الأزمة في السابق، ولكن اليوم تراجع مخزونها ولم تعد نسبة امتلائها تتجاوز 5 في المئة.
ولمواجهة الكارثة التي تضرب المملكة، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات للسلطات المحلية بتحديد توزيع المياه عندما يكون ذلك ضروريا، ومنع سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف بماء الشرب.
وبحسب قانون المالية، ستخضع المبالغ المرصودة لإنجاز المشاريع الخاصة بقطاع الماء، من خلال تخصيص 4 مليارات درهم، ما يعادل 5 مليون دولار، لمواصلة إنجاز السدود الكبرى والمتوسطة وتصفية العقارات المرتبطة بها؛ و1,5 مليار درهم، مايفوق مليون دولار بقليل، مساهمة من الدولة في تمويل مشاريع التحلية؛ و1,4 مليار درهم برسم مشاريع تزويد المراكز القروية والدواوير بالماء الصالح للشرب.
تراكم الأخطاء
يقول محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء إن الأزمة جاءت نتيجة "تراكم الأخطاء منذ بداية فترة الجفاف منذ 2018". ويتابع الباحث "لم تقم الدولة أو الجهات المسؤولة بتدبير الماء والاهتمام بالموضوع كما كان يقتضيه الحال".
ويشير قروق في حديثه لموقع "الحرة" إن "نهاية 2021 كانت نهاية استعمال المياه الموجودة في السدود، ما جعل الدولة في محنة، وهي أزمة حقيقة لم يعيشها المغرب في السابق".
ولشدة خطورة مشكلة الجفاف، يقول خبير المناخ إن الملك، محمد السادس "خصص نصف خطابه الأخير للحديث عن أزمة المياه".
وكان العاهل المغربي دعا في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان إلى أخذ "إشكالية الماء في كل أبعادها بالجدية اللازمة لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي غير المسؤول لهذه المادة الحيوية"، محذرا من تحويل أزمة ندرة المياه إلى "مزايدات سياسية أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية".
وعلى المدى الطويل، تعوّل السلطات على الخصوص على بناء 20 محطة لتحلية مياه البحر في أفق العام 2030، يفترض أن توفر جزءا هاما من ماء الشرب، وفق وزارة التجهيز والماء.
وتربط الباحثة، أميمة خليل الفن، نحاج الجهود التي أعلنتها الدولة بضرورة الاستثمار في البحث العلمي للبحث عن بدائل مستدامة وأيضا الاستثمار في البنى التحتية وأيضا الاستثمار في تكوين المسؤولين عن القطاع.
وتذهب الباحثة إلى أن "الأزمة ناتجة عن ضعف الهيكل المائي وضعف البينات التحتية وأيضا سوء الإدارة"
وتزايدت مشاكل المياه في المغرب في ظل موجة جفاف شديدة تعصف بالمملكة، وخلص استطلاع لشبكة "الباروميتر العربي" إلى أن 40 في المئة من المغاربة تؤرقهم قضايا المياه في ظل تغير المناخ، ما يشير إلى حدة الأزمة الحالية.
ويسبب الجفاف أيضا مشكلة كبيرة للقطاع الزراعي المهم في المغرب، وتسبّب بتراجع محصول الحبوب إلى 34 مليون قنطار فقط، ما يمثل انخفاضا بنسبة 67 بالمئة مقارنة مع العام الماضي، وفق ما أعلنت وزارة الزراعة في أغسطس.
ويتجه نمو الاقتصاد المغربي هذا العام نحو التراجع مقارنة مع ما كان متوقعا، بسبب انخفاض أداء القطاع الزراعي جراء جفاف هو الأسوأ منذ سنوات، بالإضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وباتت تقديرات النمو تراوح بين 1,5 و1,7 بالمئة بحسب الحكومة، و1,1 بالمئة وفق صندوق النقد الدولي.