(نرد الريح يوم الريح تقرب سورك العالي
ونثبّت شاردات الخيل، يوم يطّبَها جفالِ)
- حبيب الزيودي
شاعر الأردن وعازفها العذب هذا، ظُلم ظُلما فادحا، كان السبب في انطفائه مبكرا.
لقد رحل ممرورا مدحورا مقهورا.
وها هي الحوارات المسجلة الطويلة التي لديّ مع حبيب الزيودي، تكشف عمق مأساته ومعاناته. ومَن هي «فرق الموت» التي اغتالته.
وحبيب المغوار، المتعجل، المنهمك، المنهك، ظلّ معتدا بشعره وبالعالوك، وشيئا فشيئا أخذ يتأهب للطفيلة. كان يقول لي: «يا أميري أنا أعد العدة لأبلغ قامتها ولأبلِّغها السلام والرضى».
ضرب لي عشرات المواعيد وكان ضنينا في تلبيتها.
- سأزورك في جاكرتا وسأحلُّ ضيفا عليك لمدة 10 أيام، أروي خلالها ظمأ روحك إلى الشعر والشجر والقصيد.
- سأزور الطفيلة معك لألقي اجمل القصائد في بلد تيسير السبول.
- سأحضر معك لقاء أصدقاء الفيسبوك في منزلك أو في المركز الثقافي الملكي وسألقي قصيدة وسأُحضِر عازفا.
- سأبني صيوانا في العالوك وسأرتب مع اصدقائنا امجد القهيوي وماجد القطارنة «الوقائع».
حُرِم شاعرُ الأردن من جائزة الدولة، في حين منحت لبعض من لا يطاولونه. ولم يحصل على الدرجة العليا، في حين نالها بعض المدعومين.
خنقته الغصة على ذلك النكران، فأوشك أن يتمرد تمردا، لا قدرة لأحد على احتماله.
باح لي بأدق التفاصيل عن حياته وعن طيشه وعن مغامراته وصبواته ومعاركه وأحلامه وآلامه.
كتب حبيب الزيودي مقالة في الرأي بعنوان «رسالة إلى محمد داودية» بتاريخ 31 /5/ 2012 جاء فيها:
(... اكثر ما كان يوجعني بعد الاتصالات الهاتفية القليلة معك، صوتك الواجد الذي لا يشبه أصوات السفراء، هذا الحرير المنساب من اللهجة الأردنية التي تختلف عن رطن السفراء. وهذا الشوق وتلك الانفعالات التي تجعلني أشعر وأنا استمع لك أنك تعانقني ...).
حبيب الزيودي الذي صادفت ذكرى رحيله السنوية العاشرة يوم أمس، تس رّب من بين أيدينا، لكنه إستقر في قلوبنا وأغانينا.
وكتب اجمل قصائده لوصفي وصايل الشهوان وفرسان الأردن.
سلامٌ على وصفي و منه أزفّه،
إلى شجر الأردن إذ مات واقفا.
سلامٌ على شيحان فوق جبينه،
وفي قلبه حوران والقمح هفهفا.
سلامٌ على دمع العذارى يزفه،
شهيدا يلاقي الله ظماّن نازفا.
سلامٌ على دمع البنات بكينه،
بدمع تأبّى أن يجف وينشفا.