لم يكن مفاجئاً شكل التعديل الوزاريّ المحدود الّذي قام به رئيس الوزراء بشر الخصاونة نهاية الأسبوع الماضي وهو الخامس على وزارته الّتي مضى على تشكيلها أكثر من عامين.
أيّ مراقب محايد يدرك تماماً أنّ أداء الحكومة بمختلف وزرائها ورئيسها تحديداً بات أكثر نضوجاً ومسؤوليّة وفاعليّة في الشهور الأخيرة، وبات هناك انسجام وتنسيق أكثر ممّا كان عليه في السابق بكثير، إذن لماذا التعديل الوزاريّ وعلى هذا الشكل تحديداً؟.
هناك ثلاثة أسباب رئيسيّة للتعديل الوزاريّ المحدود على حكومة الخصاونة دفعت الرئيس لإجرائه على هذا النحو؛ وهي ما يلي:
أوّلاً: وضع خطّة رؤية التحديث الاقتصاديّ على مسار التنفيذ الفعليّ بعد إشهارها قبل ثلاثة أشهر، ومع انتهاء فريق وزاريّ بالتعاون مع خبراء في وضع البرنامج التنفيذيّ لها.
رؤية التحديث الاقتصاديّ تتطلّب اليوم عدّة أدوات وممكنات لتنفيذها، أهمّها الأشخاص المعنيّون في قيادة التنفيذ القطاعيّ لبنود الرؤية والّذي يتطلّب أن يكون الفريق متجانس الرؤية والإيمان والقناعة بتلك الخطّة وتوصياتها، فالعمل الجماعيّ المؤسّسيّ كفيل بالإسراع في وضع العمليّة التنفيذيّة على المسار المطلوب في أجندّة وأولويّات العمل الحكوميّ.
ولا ننسى الجانب التشريعيّ والتنظيميّ لتنفيذ الخطّة وهو أحد الممكنات المطلوب إعدادها في المرحلة المقبلة لرؤية التحديث، فهناك حزمة التشريعات والأنظمة الاقتصاديّة الّتي يتطلّب إعدادها في المرحلة المقبلة وتباعاً لعناية تنفيذ بنود الخطّة، وهذا أيضاً يتطلّب رؤية تشريعيّة واضحة لما هو مطلوب تعديله قانونيّاً أو تعديله.
هذه العمليّة بحدّ ذاتها تتطلّب وجود فريق وزاريّ مشارك أوّلاً بإعداد رؤية التحديث، فلا يعقل أنّ من ينفّذ الخطّة يكون من خارج رحمها، لذلك غالبيّة التعديل خاصّة بالفريق الوزاريّ الاقتصاديّ هم ممّن شاركوا باجتماعات الورش النقاشيّة لرؤية التحديث قبل أشهر، وبالتّالي من خطط باتت عليه مسؤوليّة التنفيذ، وهو في وضع إداريّ وسياسيّ يسمح له بذلك.
ثانياً: الإصلاح الإداريّ ووضع مخرجاتها الّتي أقرّت الكثير منها قبل أشهر قليلة على جدول التنفيذ الفوريّ، وهذا كان واضحاً بتفريغ نائب رئيس الوزراء بحمل حقيبة الإصلاح الإداريّ الّتي كان هو رئيس الفريق المكلّف بإعداد خطّة التطوير، إضافة إلى أنّ عمليّات الدمج الأولى بين بعض الوزارات من خلال تخصيص وزير لحقيبتين مثلما حدث بالأشغال والنقل والصناعة والعمل.
ثالثاً: واضح من شكل التعديل الوزاريّ دخول العنصر النسائيّ بقوّة هذه المرّة، وأجزم بأنّ المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة نسائيّة أكبر في مختلف المناصب القياديّة في مؤسّسات ووزارات الدولة المختلفة، وهذه المرّة ليست اختياريّة بقدر ما هي إحدى متطلّبات المانحين والمؤسّسات العالميّة بزيادة دور المرأة ومشاركتها في الأنشطة خاصّة الاقتصاديّة منها، ولا ننسى أنّ مذكّرة التعاون بين الأردنّ والولايات المتّحدة الأميركيّة الّتي وقعت قبل أيّام ولمدّة سبع سنوات تتضمّن بنداً كاملاً عن مشاركة المرأة وزيادة دورها في الأنشطة المتعدّدة للدولة.
الأسباب السابقة كانت كفيلة بقيام الخصاونة بإجراء التعديل الخامس على حكومته بهذا النحو، ويدخل البرلمان منتصف الشهر بخطّة وزاريّة نصونها وأساسها التنفيذ الفوريّ لخطّة الإصلاح الاقتصاديّ والإداريّ.