يقال: ان الفنان اللبناني وديع الصافي أقام حفلاً غنائياً في ليبيا الشقيقة ذات يوم، وعندما صعد إلى المسرح، قوبل بتصفيق حار من الحاضرين، فما كان منه إلا الانحناء احتراماً وتقديرا ، وإلقاء التحية عليهم،
والقول لهم: «الله يعطيكم العافية» بلغته اللبنانية، فساد الصمت داخل القاعة، مما دفع بمنظم الحفل ومقدّمه للتدخل والتوضيح، متوجهاً إلى الفنان وديع الصافي بالقول، نحن ندرك يا أستاذ وديع ، أنك تتكلم بلهجتك اللبنانية، ولكن هذا الدعاء في منطقتنا، يعني الدعاء بالموت، والراحة والعافية في الموت، فابتسم الصافي، وقال للجمهور حقكم عليّ،( لكان) : الله لا يعطيكم العافية ..
بصدق دعاء الصافي باللهجتين الليبية واللبنانية ينطبق تماماً على الكثير من الاحداث التي نشاهدها اليوم هنا وهناك، اليوم اختلطت علينا الامور في الكثير من نواحي حياتنا ففقدنا الإتجاه حتى في تعريف المسؤول وما يندرج تحتها من ثواب او عقاب، مع أن ديننا الحنيف وضح ذلك بشكل لا يقبل التأويل او التفسير ، فقال تعالى: «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ» وقال جلت قدرته « (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) فحتى الأنبياء معرّضون للمساءلة من الله ، فكيف البشر ؟؟؟
اليوم ونحن نعيش في حوارات لا تنتهي وتناقضات اصبحت تؤرقنا جميعا ، اصبح لزاما علينا جميعا ان نتحدث بلغة الواقع ولو بالقليل فكم شخص سلب ونهب وتلاعب بمقدرات الوطن ، لسنوات وسنوات اهترأت ايدينا من التصفيق له ، مع اننا نعلم انه مخادع وكذاب أشر، مثّل علينا دور الملاك الطاهر وهو لا يستحق إلا كلمة الله لا يعطيك العافية، ولم نقلها !!!
كم مسؤول عكسنا لأجله اسم المفعول ليصبح اسم فاعل أوكلت له مهمة وطنية فخان وطنه وباع بلاده ، أفلا يستحق منا اليوم كلمة الله لا يعطيك العافية على ما قدمت.
كم شخص تفنن في عقوق الآباء والامهات وعمل انتكاسة للفطرة التي جُبل الخلق عليها ،أفلا يستحق من الله ومنا كلمة الله لا يعطيك العافية على ما قدمت ….
كم قاض حكم بظلم فذهبت حقوق البلاد والعباد أدراج الرياح بسببه وهو يعلم الحقيقة ألا يستحق منا كلمة الله لا يعطيك العافية ، وجعلك الله من المخلدين في نار جهنم ، كم تاجر احتكر سلعة وهو يسمع كلام رسول الله فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من احتكر طعاما أربعين يوما يريد به الغلاء فقد برئ من الله وبرئ الله منه، ألا يستحق منا كلمة الله لا يعطيك العافية ولا بارك الله برزقك.
بصدق أي عراك وأي وصراع هذا الذي نعيش ، هو زمن الفتن زمنٌ أصبَحَ فيه الحليم حيران …زمن يٌكذبٌ فيه الصادق …ويصدقٌ فيه الكاذب . ،هو زمن الخيط الرمادي ، زمن الخلط بين الخير والشر، الحق والباطل، الأمل والبؤس، الخيال والواقع، الوهم والحقيقة، التفاؤل والتشاؤم، نعيش كل هذه في آن واحد ، هي الدنيا بحجمها الحقيقي وما عند الله خَيْرٌ وَأَبْقَى ، هي المغامرة وخيط السراب كانت وما زالت وستبقى لا مفر منها حتى يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اللهم اجعلنا منهم ..باختصار هي الحياة مشيناها خُطىً كُتِبَت علَينا ومَن كُتِبَت علَيهِ خُطىً مشاها… المهندس مدحت الخطيب