زاد الاردن الاخباري -
تثير نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي المرتقبة تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الأردن وإسرائيل، خصوصا في حال فوز حزب الليكود اليميني الذي يقوده رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق بنيامين نتنياهو، والذي أنهى حقبته في ظل علاقات متوترة بينه وبين الملك الأردني عبد الله الثاني.
وساءت العلاقات بين المملكة الهاشمية و"إسرائيل" أثناء فترة ولاية نتنياهو لعدة أسباب، أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأماكن المقدسة التي تخضع لوصاية الملك عبد الله الثاني، وإعلان نتنياهو في تموز/يوليو 2020 عن خطة استيطانية لضم غور الأردن وأجزاء واسعة من الضفة الغربية، ومنع ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله من زيارة المسجد الأقصى في آذار/مارس الماضي، وما تبعها من منع عمّان مرور طائرة نتنياهو عبر الأجواء الأردنية لزيارة الإمارات.
كيمياء مفقودة
ووفق المحلل السياسي عريب الرنتاوي؛ فإن "ثمة كيمياء مفقودة في العلاقة ما بين الملك ونتنياهو، نابعة من إخلال استفزازي لنتنياهو بتعهدات شخصية قطعها للعاهل الأردني".
وأوضح الرنتاوي لـ"عربي21" أن من بين تلك التعهدات؛ اعتقال ومحاكمة حارس الأمن في السفارة الإسرائيلية بعمّان "زيف"، والذي قتل مواطنين أردنيين داخل شقة تابعة للسفارة في 24 تموز/يوليو 2017، "وبدلاً من ذلك؛ قام نتنياهو باستقباله استقبال الأبطال".
وأضاف أن مما ساهم في تأزيم العلاقات بين الطرفين؛ محاولة نتنياهو اللعب بقضية المياه، والتسويف في الموافقة على بيع الأردن 50 مليون متر مكعب من المياه، الصيف قبل الماضي، ما اعتبر رسالة رديئة من نتنياهو للقيادة الأردنية.
ومع ذلك؛ يرى الرنتاوي أن العلاقة الأردنية الإسرائيلية ستبقى قائمة في حال فاز نتنياهو بالانتخابات، وستستمر المشروعات التي جرى الاتفاق عليها مع الجانب الإسرائيلي، سواء في مجال الطاقة أو المياه، وسيتواصل العمل بمعاهدة وادي عربة والتمثيل الدبلوماسي، والتنسيق الأمني والعسكري بين الجانبين.
ولفت إلى أن الوقائع على الأرض تظهر أن نتنياهو ليس الخيار الأسوأ من منظور القضية الفلسطينية، فقد فعل رئيسا الحكومة اللذان جاءا بعد نتنياهو، نفتالي بينيت ويائير لابيد؛ ما لم يفعله سلفهما من قبل، مستشهدا بأن عهديهما شهدا تزايدا في عمليات هدم المنازل وقتل الفلسطينيين، وبأن الرعاية الهاشمية واجهت أكبر تحدياتها في تلك الحقبة.
واستدرك الرنتاوي بالقول إن "الذي ربما يتأثر هو اللقاءات السياسية رفيعة المستوى بين الطرفين"، مشيرا إلى أنه "في آخر ثلاث سنوات من حكم نتنياهو؛ كان هناك شبه قطيعة بين هذا الأخير وبين الملك عبد الله الثاني".
وأشار إلى أن نتنياهو إذا عاد فسيكون معه رئيس حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، وزعيم حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير، وغيرهما من أركان اليمين الفاشي المتطرف، "الأمر الذي سيعقّد الرعاية الهاشمية، ويصعّد الوضع في الضفة، ويوسع الاستيطان وهدم المنازل والقتل في الشوارع، بما ينعكس سلبا على مصالح الأردن وأولوياته في هذا المجال".
أسوأ الخيارات
وترجّح استطلاعات الرأي الإسرائيلية تصدر حزب "الليكود" اليميني القوائم الفائزة بالانتخابات، ولكن على زعيم الحزب بنيامين نتنياهو الوصول إلى تحالف من 61 عضوا بالكنيست الإسرائيلي المكون من 120 مقعدا لتشكيل الحكومة.
وفي حال نجح في ذلك؛ فلن يكون الأردن سعيداً وفق المحلل السياسي منذر الحوارات، الذي علل موقف المملكة بتشبث نتنياهو بوجهة نظر متطرفة تجاه العلاقة مع الأردن.
وأوضح بالقول لـ"عربي21": "بالنسبة لنتنياهو؛ لا يمكن أن يتم حلّ القضية الفلسطينية إلا على حساب الأردن، وهو ما يُعرف بالخيار الأردني".
ولفت الحوارات إلى أن "العلاقة الشخصية بين نتنياهو والملك عبد الله الثاني كانت سيئة جداً، وليس من المتوقع أن تتحسن"، مضيفا: "لذلك يعمل الأردن جاهدا على مشاركة عرب الـ48 بفعالية في الانتخابات، حتى يقللوا من فرص عودة نتنياهو".
ورأى أنه "في حال شكل نتنياهو حكومة جديدة؛ فسيكون ذلك أسوأ الخيارات بالنسبة للأردن، لكن مع ذلك سيحاول الساسة الأردنيون إيجاد وسيلة للتعامل معه بشكل من الأشكال".
تعطيل القنوات الدبلوماسية
من جهته؛ رأى المحلل السياسي حازم عياد، أن نتنياهو "في حال أصبح رئيسا للحكومة الإسرائيلية القادمة؛ فإنه سيعطل القنوات الدبلوماسية التي خلقها لابيد وبينيت مع الأردن، لأنه غير معني بها، وإنما يركز على تمتين العلاقة مع دول الخليج بالدرجة الأولى".
وقال عياد لـ"عربي21" إن "سياسة الأردن ستتأثر سلبا؛ لأن وصول نتنياهو ونزعته لإرضاء اليمين الإسرائيلي، سيصعب على المملكة إدارة الملف الفلسطيني، وسيزيد من التعقيدات التي يواجهها في هذه المرحلة الحساسة، والتي تتميز بتصاعد المقاومة وتآكل نفوذ السلطة".
وأضاف أن "الأردن لا يمكن أن يدير هذه الملفات الحساسة من خلال قنوات تفاهم واتصال مع نتنياهو"، مرجحا أن تلجأ المملكة إلى "الاعتماد على العلاقة مع رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ، وتنشيط هذه القناة، والتركيز على التنسيق الأمني من خلال الأمريكيين؛ بهدف الحفاظ على مستوى معين من التصعيد في الأراضي الفلسطينية".
ولفت عياد إلى أن تأزم العلاقة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن؛ سينعكس سلبا على الأردن، وذلك لضعف قدرة واشنطن على التأثير في شخص نتنياهو، مرجحا أن يؤدي ذلك إلى حالة من الجمود في الاتفاقات الاقتصادية القائمة والمنوي إبرامها بين الأردن وإسرائيل، كاتفاق الطاقة مقابل المياه، وذلك لكون واشنطن تتمتع بدور كبير في عقد ورعاية هذه الاتفاقيات.
يشار إلى أن الأردن و"إسرائيل" تربطهما عدة اتفاقيات، أبرزها اتفاقية "وادي عربة" للسلام الموقعة بين البلدين عام 1994، واتفاقية الغاز الموقعة في 2016.