زاد الاردن الاخباري -
شهد العالم خلال السنوات الخمس الماضية تصاعدا ملحوظا في الجهود البحثية الساعية وراء استكشاف تكوين المخ البشري وطريقة تكوينه.
ويأتي ذلك ضمن المساعي لفك شيفرة هذه الكتلة العضلية المعقدة، القادرة على تحليل ومعالجة مليارات النقاط من البيانات في ثوانٍ معدودة، وهي أقوى من أي أداة تحكم عن بعد "ريموت كنترول"؛ نظرا لسلاسة استخدامها وعفوية الاعتماد على مجرد التفكير لتنفيذ أمر ما على هاتفك أو حاسوبك أو أي جهاز ذكي من حولك.
كيف تتحكم في الأجهزة بعقلك؟
تعتمد فكرة الأجهزة التعويضية العصبية على جعل ذوي الهمم من فاقدي الحواس الأساسية، كالبصر والسمع والحركة، قادرين على التفاعل مع العالم الخارجي بشكل سلس ومستقل.
تقوم فكرة الأجهزة العصبية والتي يتم زراعتها داخل المخ بجمع الإشارات العصبية التي يخلقها المخ وتحمل في طياتها أمر ما يتعلق بالقيام بحركة أو يتضمن رغبة في كتابة كلمة ما، ومن ثم يتم تحويلها إلى إشارة رقمية، في صورة أسطر مكونة من رقمي الواحد والصفر وهي اللغة التي تفهمها الأجهزة الإلكترونية.
يتم بعد ذلك بث تلك الإشارات الرقمية مباشرة للجهاز المقصود التحكم فيه ليبدأ تنفيذ الأمر، كل ذلك يستغرق ثوان معدودة.
فمثلا الشاب إيريك سورتو، والذي ظل يعاني من الشلل الكامل في الحركة لمدة 10 سنوات، خاض تجربة زرع شريحة داخل المخ في عام 2015، بحيث تمكنه من التحكم في ذراع روبوتي يساعده في حياته اليومية.
كذلك في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أقيمت بطولة "Cybathlon 2020" في دورتها الثانية للألعاب الرياضية، والتي تستهدف مشاركة المحترفين من أصحاب الأطراف الصناعية، وكذلك محترفي ألعاب الفيديو من أصحاب رقائق المخ، حيث إنهم حرفيا يتنافسون باستخدام أفكارهم فقط للتحكم في شخصياتهم الافتراضية داخل الألعاب خلال منافسات البطولة.
الكتابة بالتفكير
إن العديد من الشركات الناشئة والمعامل البحثية حول العالم قد بدأوا بالفعل في طريقهم لتطوير شرائح إلكترونية يمكن للأشخاص الأصحاء استخدامها في حياتهم اليومية كوسيلة للتفاعل والتواصل بنقل الأفكار والبيانات من المخ لا سلكيا إلى مخ الآخرين، أو التحكم في الأجهزة الإلكترونية الأخرى.
وقد تكون شركة "نيورالينك"، الممولة والمدعومة بشكل مباشر من رجل الأعمال إيلون ماسك، هي متصدرة المشهد الإعلامي في سوق أبحاث زراعة الشرائح الإلكترونية داخل المخ البشري، على الرغم من عدم إطلاقها لنموذج تجريبي كامل من شريحتها المنتظرة "The Link"، والمرجح إطلاقه في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في فعالية الشركة المرتقبة.
ولكن شركة "ساينكورن" الناشئة تمكنت من حصد لقب أول شريحة دماغية يتم اعتمادها رسميا من هيئة الدواء والغذاء الأميركية، وقد تم بدء اختباراتها على البشر في يوليو الماضي عبر زراعتها داخل أدمغة 6 أمريكيين من المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري.
وتسمح شريحة "ساينكورن" التجريبية لمستخدميها بتبادل الرسائل النصية والتراسل الفوري عبر تطبيق "واتس آب" وكذلك إرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني.
لكن الأمر لا يتوقف هنا فحسب، حيث أنها أيضا مكنت المستخدمين الأوائل لها من تصفح الويب والتسوق الإلكتروني.
ومع التطور المستمر في مجال صناعة الشرائح الدماغية، ستتعمق التطبيقات المتاحة لاستخدام تلك الشرائح في حياتنا اليومية، وسيصبح بإمكاننا الاعتماد بشكل أكبر على تفكيرنا.
لكن قد يكون لذلك آثار سلبية على التواصل اللفظي والنشاط الحركي للبشر، مما قد يجعلنا نشهد طفرة جديدة في الجنس البشري خلال القرن المقبل.