حسن محمد الزبن - بناء على نتائج الانتخابات في الكنيست الأخيرة، يتصدر معسكر اليمين بزعامة“ بنيامين نتنياهو”، الانتخابات بـ (64) مقعدا، ليبدأ مشاوراته قريبا لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الليكودية اليمينية المتطرفة، ما يعني أن بؤر التوتر ستأخذ تصعيدا مختلفا، ونهجا يتصف بالعناد، بعيدا عن الدبلوماسية، وسياسة العودة لِمَ لم يكتمل من مخططات في عقل“ نتنياهو”، قبل مغادرته موقعه في ولايته السابقة، ليستكمل وحشية أفكار“ نفتالي بينيت ”و“ يائير لابيد”، مراهنا أن يكون أقوى من ذي قبل في إدارة الدولة اليهودية، بمعاونة“ بتسلئيل سموترتيش ”رئيس حزب الصهيونية الدينية، و“ إيتمار بن غفير ”زعيم حزب“ عوتسما يهوديت”، ولا أعتقد أن الرئيس الإسرائيلي“ إسحاق هرتسوغ”، سيخرج عن توجهات العقل الليكودي اليميني في إدارة الدولة بوجود نتنياهو على رأس الحكومة.
نتنياهو قادم بأغلبية ثقل الليكود الإسرائيلي العنصري وسياسته الدينية المتطرفة، ونهجه البغيض الذي يمارس على الأرض الفلسطينية، ومواقفه المعلنة تجاه العرب عموما، ومع هذا لن يطرأ تغير في علاقات الود العربية مع الكيان“ الإسرائيلي”، ولا أمل بإعادة النظر في اتفاقيات السلام الموقعة، ولا مارثون التطبيع الذي سيكون نتنياهو مرحبا فيه، وسيسعى للاستفادة منه بما يخدم دولة إسرائيل فقط، وسيبقى المشروع الصهيوني ماضيا في ممارسة التشريد والقمع للشعب الفلسطيني في الداخل، مكرسا سياسة الاستيطان التي لا رجعة عنها.
بالمقابل لن تتوحد الرؤى العربية، ولن توفق لتجتمع على ميثاق يجمعها للتعامل مع الكيان الصهيوني، لن يحدث أي تغيير في واقع الأمة العربية، رغم ما أصابها من غطرسة العدو الصهيوني ومخططاته، وستبقى رهينة لقرارات التمكين الإسرائيلي في المنطقة، ولن ينفع ولن تجدي كل قرارات الأمم المتحدة، أو تعاطف العالم الغربي أو الأوروبي مع الوضع الذي تعانيه القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور المشؤوم، الذي أشبع شتما وقدحا واستنكارا، عبر كل الخطابات والمقالات، ولا يزال الغرب واليهود متمسكين به رغم كل مواقف الانفعال العربي، باعتباره مقدمة لكل مسلسلات القهر والتعذيب، والطرد والملاحقة والتشريد، للشعب الفلسطيني، ولا تزال الممارسات مستمرة إلى يومنا هذا، وفي كل يوم تمر مناسبته المشؤومة إلا ويحتفل الصهاينة والإسرائيليون بما حققوه على أرض الواقع من تقدم لدولة إسرائيل، وفي المقابل كان الثمن مصادرة الأراضي، ومزيد من الشهداء، ومزيد من الإهانة والذل، أمام صمت عربي تارة، وأما شجب واستنكار تارة، ولم يعد واردا حتى أن تنجح مساعي المطالبة بحل الدولتين لأجل السلام العادل والشامل، مع ما نراه من تكريس كل قوى الشر للهيمنة الإسرائيلية وتغولها، وحتى شراستها التي تزداد يوما بعد يوم، ولكن تبقى المقاومة في الداخل معادلة التغيير للمسار، لأنها لا تتبع إي سياسة في الداخل أو الخارج، وستبقى الطريق الذي سيغير مجرى التاريخ، لإيمانها الراسخ بزوال إسرائيل اليوم أو غدا.
نتنياهو يحمل أجندة خبيثة، وسيعمل على تنفيذها، وهو غير مكترث بالعلاقات الدبلوماسية، ولن يشعر بالخجل مما يضمره للشعب الفلسطيني لقناعاته أنه يخدم عقيدته وتاريخ الدولة اليهودية، وقد نجد ترانسفير غير مسبوق للشعب الفلسطيني في عهد حكومته، ويحقق ما لم يحققه ترامب الرئيس الأمريكي السابق فيما كان مقدما عليه في صفقة القرن التي لم تنته مؤامرتها، وإنما أجلت بسبب إنهاء ولايته للرئاسة، عدا عما استجد ضمن إطار الأولويات والظروف التي تعيشها إدارة البيت الأبيض الآن فيما يخص الصراع الأوكراني- الروسي.
لن نشهد تغيرا في صورة وجه إسرائيل من التبجح بما تقترفه أيدي جنودها بحق الشعب الفلسطيني صاحب الحق، وما يجري من اعتقالات في صفوف المقاومة، وبشاعة غير مسبوقة في الإجراءات التعسفية بحق النساء والرجال والأطفال، والأرض، والمقدسات، درتها المسجد الأقصى والقدس، وسيبقى هذا المشهد ماثلا لا يتوقف، بل يزداد ويتصاعد مصحوبا بكراهية وعنف وتلفيق أساطير وتزوير للحقائق والتاريخ، ومزيدا من التدنيس والتدليس، ما يجعلك تقرأ القادم من تاريخ بشع، صاغته الأيدي الملوثة على أرض فلسطين بزعامة حكومات الليكود وغيرها.