أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
دورة تدريبية حول حق الحصول على المعلومات في عجلون خطة لإنشاء مدينة ترفيهية ونزل بيئي في عجلون بلدية اربد: تضرر 100 بسطة و50 محلا في حريق سوق البالة وزارة الصحة اللبنانية: 3754 شهيدا منذ بدء العدوان الإسرائيلي الحمل الكهربائي يسجل 3625 ميجا واط مساء اليوم دائرة الضريبة تواصل استقبال طلبات التسوية والمصالحة الأمير علي لـ السلامي: لكم مني كل الدعم غارتان إسرائيليتان على ضاحية بيروت الجنوبية بعد إنذار بالإخلاء رئيس مجلس النواب يزور مصابي الأمن في حادثة الرابية الأردن .. تعديلات صارمة في قانون الكهرباء 2024 لمكافحة سرقة الكهرباء طهران: إيران تجهز للرد على إسرائيل مصابو الرابية: مكاننا الميدان وحاضرون له كوب29": اتفاق على تخصيص 300 مليار دولار لمجابهة آثار التغيرات المناخية بالدول الأكثر فقرا بوريل: الحل الوحيد في لبنان وقف اطلاق النار وتطبيق القرار 1701 طقس الاثنين .. انخفاض ملحوظ على درجات الحرارة وأمطار غزيرة مستوطنون يهاجمون تجمع العراعرة البدوي شرق دوما وفاة ثلاثينية إثر تعرضها لإطلاق نار على يد عمها في منطقة كريمة تفويض مدراء التربية بتعطيل المدارس اذا اقتضت الحاجة أوكرانيا تكشف عن حطام تقول إنه للصاروخ البالستي الروسي الجديد قرض ياباني بـ 100 مليون دولار لدعم موازنة الاردن

جناح بعوضة؛

08-11-2022 07:56 AM

بقلم الدكتور المهندس أحمد الحسبان - لو افترضنا جدلاً ان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء) رواه الترمذي والحاكم والبيهقي - لو افترضنا انه حديث صحيح مع انه لم يرد بالصحيحين؛ البخاري ومسلم، اذن فالدنيا (عند الله) لا تعدل جناح بعوضة، ولكنها (عند البشر) تعدل الكثير، ولا ضير في ذلك، فهم خلقوا منها وإليها، وفيها معاشهم وممشاهم ومماتهم. فما مقصد الحديث هنا؟

لم يذكر القرآن الكريم ان الدنيا لا تعدل جناح بعوضة، بل ذكر ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا بعوضة فما فوقها، فقال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا...) آية رقم 26 من سورة البقرة. وجاءت الاية ردا على اليهود والمنافقين بقولهم ان الله اعظم من ان يضرب مثلا بمخلوق بسيط حقير كالذباب والعنكبوت، والتي كانت العرب تضرب المثل بضعفها فيقولون (اضعف من بعوضه)، واشتقوا اسمها من كلمة (بعض)، اي جزء من شيء، لبساطة خلقها كما كانوا يعتقدون، ولكنهم كانوا يعلمون ان البعوض اذا شبع مات واذا جاع عاش، والدنيا كذلك، من امتلكها طامعاً هلك.

وجاء العلم لاحقاً ليبين ان خلق البعوض معقدٌ جدا، لما فيه من انظمة حيوية متعدده ومعقدة، فلها ستة اجنحة، ونظام كشف راداراي حراري، و نظام تخدير لضحيتها عند اللسع، ونظام تحليل الدم فيما اذا كان يناسبها ام لا، يليه نظام تمييع الدم لتتمكن بادخاله من خلال خرطومها الدقيق جدا، وبعد كل هذا هي لا تتغذى على الدم، بل تستخدم بروتيناته فقط من اجل بيوضها لتكبر وتحافظ على نسلها، والذكر لا يمتص الدم، الانثى فقط هي من تمتصه لتلك الغاية، وكلاهما يتغذى من خلاصات الزهور، وللبعوض ثلاثة قلوب، وستة سكاكين في خرطومها، تستخدم اربعه منها لتقطيع جلد الضحية بشكل مربع، واثنتان لقطع اوردة الدم بعد تكشفها تحت الجلد وبسرعة فائقه، وآلاف العدسات المرتبة بمصفوفات هندسية في كل عين. لذلك كان التحدي بضربها مثلا، فالله يضرب الأمثال العظيمة دائما ولكن البشر لا يعقلون - فسبحان الله الخالق.

مقصد القول؛ اذا كان هذا ما تم اكتشافه لغاية الآن من تعقيد خلق البعوضة، وهو المستهان به من قبل العرب واليهود والمنافقين آنذاك، واذا كان الله لم يستحي من ضرب خلقها مثلاً للناس رغم انهم يرونها لا شيء، ولكنها تشمل معظم انظمة الدنيا المعروفة حاليا، انظمة طبية وهندسية وكيميائية معقدة ودقيقة، اذا كان كل هذا، فالدنيا فعلا لا تعدل جناح بعوضة بتعقيد خلقها ودقة صناعته، وليس العكس، فالبعوضة بهذا التصميم هي فعلا دنيا أخرى لم تكتشف الا بعد حين، ومن المحتمل ان هناك انظمة أخرى فيها لم تكتشف بعد كذلك.

خلاصة القول؛ الدنيا جميلة مطلوبة، والجميع يحب ملذاتها، صحيح انها متاع قليل بالنسبة للآخرة، لكنها متاع عظيم ومحبب لدى البشر، ولا ضير ان يتمتعوا بها وبما طاب منها من نساء وبنين ومال واكل وشرب وغيره، بدليل آيات قرآنية كثيرة تذكر ذلك، اذكر منها فقط توجيهات الله تعالى لرسوله الكريم بأن (ولا تنسَ نصيبك من الدنيا)، فكان عليه الصلاة والسلام يتزوج النساء، يصوم ويفطر، ويقوم وينام، كباقي البشر، ومن ثم تبعه اصحابه وتابعيه بهذا النهج، فكان منهم المبدعين، والاطباء والمهندسين والفلكيين، كالرازي وابن سينا والخوارزمي وابن خلدون وغيرهم، اذن ، فلم نزهد بما هو متاح مباح لذيذ؟ ولم لا نكون في مقدمة الامم المترفة بمعايشها؟ ولكن ضمن ضوابط اخلاقية بعيدة عن الطمع والجشع، وعن الاكثار المبالغ فيه، او الاقلال الزاهد المتقشف، او التعلق طويل الامد والامل بها، فلندع جناح البعوضة جانبا، ولنسعى لمعايشنا وارزاقنا وارزاق اولادنا بكل ثقة وايمان، وبكل كدح جاد ومال حلال، لا شيء البتة يمنع من ذلك، الا فهمٌ خاطئ للآيات القرآنية، او عجز وكسل مخمور بأفيون التثاقل للارض والتواكل على الغير، الدنيا أكبر بكثير من البعوضة، ولكنها ليست بأعقد من صناعتها، ولا داعي لحشر انوفنا بجناح تلك البعوضة - تواكلاً غير صحيح ولا مبرر - ثم نشكو الفقر والحاجة.

من مقالات - الأوهام تقتل.
الدكتور المهندس أحمد الحسبان








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع