شارع بوليفارد في العبدلي لم يعد من السر، وان كنت حريصا على عدم الكتابة من اجل محبتي للعبدلي وشوارعها العريقة و الجميلة، ترددت بالكتابة والبوح وابقاء الامر سرا. ولكي لا يسيئوا اليه ويخيفوا رواده منه، وبما ان المسيئين ومظاهر الاساءة لم تعد مخفية.
و الشكاوى تكررت من متسولين ونشالين، ومن جعلوا من اماكن عامة مقرا لاقاتمهم الدائمة..
شبه فراغ امني ملحوظ يسمح لهؤلاء من متسولين ونشالين بان يمارسوا نشاطهم ليلا ونهارا. ما سمعت من كلام رواه اصدقاء اردنيون وعرب دفعني بالنزول الى بوليفارد والتجوال في اوقات مختلفة، ولاستكشاف ما يحصل هناك .
تتحسر كثيرا وعلى ما الت اليه احوال العبدلي وشوارعها التي ظلمت اكثر من مرة. من انفجار عقاري، وتعويم لهوية المنطقة، ووصولا الى تفريغ العبدلي من معالم وطنية تاريخية، وكما خسرت العبدلي الكثير من حيويتها الاجتماعية والثقافية والتجارية.. وتجاريا، كثير من اصحاب المحال هجروا العبدلي، وانتقلوا الى اماكن اخرى.
التسول يمارس ببالغ الاريحية.. شباب وفتيات يتنقلون ويتحركون، وبمظاهر عامة دون تردد او خوف.. وتكثر اعدادهم قبل حلول المغيب.. وفي زوايا وخبايا شوارع العبدلي «بولفيارد «، لا تعلم ما هو السر الذي يخبئونه عدا عن ممارستهم للتسول.
خرج اثنان : فتاة وشاب، ولحقوني مهرولين، وبالاول كانا يطلبان يتسولان، ومن ثم اندس بينهم شخص ثالث، ومشى معهم بخطوات سريعة، ويبدأ يرمي كلاما عن عروض وغير ذلك.
وكان يرمي الكلام بالعربي والانجليزي، وتحدث عن تفاصيل سمعتها ولم ارد اي جواب عليها.. وتربض تكاسي صفراء في زوايا من شوارع العبدلي والبوليفارد، ويرتبط سائقوها بكلمة سر مع متسولين وشحادين. ولربما يوجد تاكسي لتطبيقات رقمية وغيرها، لكن يصعب تمييزها والتعرف عليها.
اصدقاء كانوا يرتادون مقاهي في العبدلي وقريبة من البوليفارد، وقرروا ان يهجروها، وانهوا وجودهم وحضورهم الى المقاهي. واعرف ان بعضهم من مرتادي ورواد العبدلي من ايام المدرسة والجامعة.. والعبارة الجميلة معروفة «نلتقي في العبدلي».
اليوم، الاراجيل في الشوارع، مراهقون ذكور واناث يحضرون الى البوليفارد ويشعلون اراجيلهم على جوانب الشوارع والزوايا الخلفية والخفية، ويجلسون ويتسامرون على اضواء الابراج الشاهقة.
رمزية العبدلي تتلاشى من مقاه عريقة، ونوادٍ ثقافية، ودور نشر وسينما، ومسرح، ومكتبات، ومعارض رسم. اجد صعوبة بايصال صورة عن العبدلي اليوم، ومن كان يعرف العبدلي يصعب ان يصدق ما اقول واكتب !
المشكلة سواء بالعبدلي او غيره، وما قد يشهد من تحولات ونمو وانفجار عقاري، ولكن بقدر ما يصيب الانسان والبشر من احوال واخبار سيئة ورديئة. اي ضمير حي ونابض بالحس المسؤول يخاف على عمان والعبدلي، وخوف يحتاج الى سلطة عادلة لتنزعه.